التفاسير

< >
عرض

ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ ٱلسَّيِّئَةِ ٱلْحَسَنَةَ حَتَّىٰ عَفَوْاْ وَّقَالُواْ قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا ٱلضَّرَّآءُ وَٱلسَّرَّآءُ فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ
٩٥
-الأعراف

التبيان الجامع لعلوم القرآن

أخبر الله تعالى في هذه الآية انه بدل مكان السيئة الحسنة { وقالوا قد مسَّ آباءنا الضراء والسراء } ومعناه انه تعالى بعد ان يفعل بهم البأساء والضراء ليتضرعوا يبدل مكان السيئة الحسنة. والتبديل وضع أحد الشيئين مكان الآخر، فلما رفعت السيئة عنهم ووضعت الحسنة كانت مبدلة بها. وقال ابن عباس والحسن وقتادة ومجاهد: المراد بالسيئة والحسنة - ها هنا - الشدة والرخاء وهو ما يسؤ صاحبه او يحسن اثره عليه. وقال ابو علي: جرى في هذا الموضع على سبيل المثل.
وقوله { حتى عفوا } قال ابن عباس ومجاهد والسدي وابن زيد: معناه حتى كثروا. وقال الحسن حتى سمنوا، وأصله الترك من قوله
{ فمن عفي له من أخيه شيء } أي ترك له، وعفوا تركوا حتى كثروا، قال الشاعر:

ولكنا نعض السيف منها بأسوق عافيات الشحم كوم

وقوله { وقالوا قد مس آباءنا الضراء والسراء } معناه ان الكفار قال بعضهم لبعض: ان هكذا عادة الدهر، فكونوا على ما أنتم عليه كما كان آباؤكم فلم ينفكوا عن تلك الحال فينتقلوا.
وقوله { فأخذناهم بغتة وهم لا يشعرون } اخبار من الله تعالى انه أخذ من ذكره ممن لم يقبل مواعظ الله وخرج عن طاعته الى عداوته { بغتة } يعني فجاءة وهي الاخذ على غرة من غير تقدمة تؤذن بالنازلة تقول: بغته يبغته بغتة كما قال الشاعر:

وافظع شيء حين يفجؤك البغت

ومعنى الآية انه تعالى يدبر خلقه الذين يعملون بمعاصيه ان يأخذهم تارة بالشدة واخرى بالرخاء، فاذا فسدوا على الامرين جميعا اخذهم بغتة ليكون ذلك اعظم في الحسرة، وابلغ في باب العقوبة. ومعنى قوله { وهم لا يشعرون } أي لم يشعروا بنزول العذاب الا بعد حلوله.