التفاسير

< >
عرض

وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ
٢١
-الأنفال

التبيان الجامع لعلوم القرآن

{ ولا تكونوا } في موضع جزم وحذف النون دلالة على الجزم.
نهى الله تعالى المؤمنين الذين خصهم بالذكر في الآية الاولى عن ان يكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون، وفي الكلام حذف المنهي عنه، لانه قد دل عليه من غير جهة الذكر له، وفي ذلك غاية البلاغة، والتقدير ولا يكونوا في قولهم المنكر هذا "كالذين" والتشبيه على ثلاثة اوجه: أعلى وأدنى واوسط، فالاعلى هو الذي حذف معه أداة التشبيه، كقولهم للانسان: هذا الأسد، والاوسط تثبت معه مجردة كقوله
{ { والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة } والادنى تأتي معه مقيدة كقولهم الجسم كالعرض في الحدوث.
ومعنى قوله { قالوا سمعنا وهم لا يسمعون } معناه سمعنا سماع عالم قابل، وليسوا كذلك، وهو من صفة المنافقين في قول ابن اسحاق وابي علي. وقال الحسن: يعني به أهل الكتاب. وقيل: هو من صفة المشركين، فجعلوا بمنزلة من لا يسمع في أنهم لم ينتفعوا بالمسموع. وقال ابو علي: هي نفي القبول من قولك سمع الله لمن حمده. وقال الزجاج: يعني الذين قالوا { لو نشاء لقلنا مثل هذا } فسماهم الله لا يسمعون لانهم استمعوا استماع عداوة وبغضاء فلم يتفهموا ولم يتفكروا فكانوا بمنزلة من لم يسمع. وقال ابن اسحاق: أراد به الذين يظهرون الايمان ويسرون النفاق.