التفاسير

< >
عرض

وَٱتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ
٢٥
-الأنفال

التبيان الجامع لعلوم القرآن

امر الله تعالى المكلفين من خلقه أن يتقوا فتنة لا تصيب الذين ظلموا منهم خاصة والفتنة البلية التي يظهر بها باطن امر الانسان فيها. والفتنة الهرج الذي يركب فيه الناس بالظلم قال ابن عباس امر الله المؤمنين ان لا يقروا المنكر بين أظهرهم، فيعمهم الله بالعذاب. وقال عبد الله: هو من قوله تعالى { { أنما أموالكم وأولادكم فتنة } وقال الحسن: الفتنة البلية. وقال ابن زيد: هي الضلالة. وقال الجبائي: هي العذاب. { لا تصيبن } فالاصابة الايقاع بالشيء بحسب الارادة، وضده الخطأ. يقال: أصاب الغرض او أخطأه.
وقوله { لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة } معناه انها تعم لان الهرج إذا وقع دخل ضرره على كل أحد. ويجوز أن يقال يخص الظالم، ولا يعتد بما وقع بغيره للعوض الذي يصل إليه. ويحتمل أن يكون اراد إن هذه العقوبة على فتنتكم لا تختص بالظالمين منكم بل كل ظالم منكم كان أو من غيركم فستصيبه عقوبة ظلمه وفسقه وفتنته واراد بذلك تحذير الناس كلهم، وأنهم سواء في المعصية، وما توجبه من العقوبة ليكون الزجر عاماً.
وفي دخول النون الثقيلة في { تصيبين } قولان:
احدهما - قال الفراء: لانه نهي بعد أمر وفيه معنى الجزاء كقوله
{ { يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده } ومثله لا ارينكم ها هنا.
والثاني - أن يكون خرج مخرج جواب القسم.
وقال الزجاج: يحتمل ان يكون نهياً بعد أمر وتقديره اتقوا فتنة، ثم نهى، فقال { لا تصيبن الذين ظلموا } أي لا يتعرض الذين ظلموا لما ينزل معه العذاب. ومثله قال في قوله { لا يحطمنكم } فيكون لفظ النهي لسليمان، ومعناه النمل، كما يقول القائل لا أرينك ها هنا، فلفظ النهي لنفسك، والمراد لا تكون ها هنا، فاني اراك.
و { الخاصة } للشيء ما كان له دون غيره ونقيضة العامة.
وقوله { واعلموا أن الله شديد العقاب } معناه لمن لم يتق معاصيه ولم يتبع اوامره،
وقال الحسن والسدي ومجاهد وابن عباس: نزلت هذه الآية في أهل الجمل. وقال قتادة قال الزبير: لقد نزلت وما نرى ان أحداً منا يقع فيها ثم اختلفنا حتى اصابتنا خاصة. وروي ذلك عن الزبير من جهات.