التفاسير

< >
عرض

وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلرَّجْعِ
١١
وَٱلأَرْضِ ذَاتِ ٱلصَّدْعِ
١٢
إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ
١٣
وَمَا هوَ بِٱلْهَزْلِ
١٤
إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً
١٥
وَأَكِيدُ كَيْداً
١٦
فَمَهِّلِ ٱلْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً
١٧
-الطارق

التبيان الجامع لعلوم القرآن

هذا قسم من الله تعالى بالسماء ذات الرجع. قال ابن عباس ومجاهد وقتادة والضحاك: ذات المطر. وقال ابن زيد: يعني شمسها وقمرها ونجومها تغيب ثم تطلع. وقيل: رجع السماء إعطاؤها الخير يكون من جهتها حالا بعد حال على مرور الازمان رجعه يرجعه رجعاً إذا أعطاه مرة بعد مرة. وقيل: الرجع الماء الكثير تردده بالرياح التي تمر عليه قال المنخل فى صفة سيف:

أبيض كالرجع رسوب إذا ما ثاخ فى محتفل يختلى

وقال الفراء: تبتدئ بالمطر ثم ترجع به فى كل عام. وقوله { والأرض ذات الصدع } قسم آخر بالارض ذات الصدع. وقال ابن عباس وقتادة والضحاك وابن زيد: ذات الصدع انشقاقها بالنبات لضروب الزروع والاشجار: صدع يصدع صدعاً وتصدع الشيء تصدعاً وانصدع إنصداعاً وصدعه تصديعاً.
وقوله { إنه لقول فصل } جواب القسم، ومعناه ان ما ذكره من اعادة الخلق وإنشائهم النشأة الثانية قول فصل أي هو قول يفصل الحق من الباطل. ومثله فصل القضاء، وكل معنى فانه يحتاج فيه إلى فصل حقه من باطله. ثم قال { وما هو بالهزل } أي مع أنه فصل ليس بهزل والهزل نقيض الجد ومثله اللهو واللعب والعبث يقال: هزل يهزل هزلا.
ثم اخبر تعالى عن الكفار فقال { إنهم يكيدون كيداً } أي يحتالون فى رفع الحجج وإنكار الآيات ويفعلون ما يوجب الغيظ يقال: كاده يكيده كيداً وكايده مكايدة وتكايد القوم تكايداً أي يحتالون فى رفع الحجج وإنكار الآيات، فقال تعالى { وأكيد كيداً } أي أجازيهم على كيدهم، وسمي الجزاء على الكيد باسمه لازدواج الكلام. وقيل: المعنى أنهم يحتالون لهلاك النبي وأصحابه، وأنا أسبب لهم النصر والغلبة وأقوي دواعيهم إلى القتال، فسمى ذلك كيداً من حيث يخفى عليهم ذلك.
وقوله { فمهل الكافرين أمهلهم رويداً } خطاب للنبي صلى الله عليه وآله بأن يمهلهم قليلا وأجرى المصدر على غير لفظه كما قال
{ أنبتكم من الأرض نباتاً } و { رويداً } معناه إمهالا يقال: أرودته ارواداً وتصغيره رويد. وقال قتادة: معناه قليلا، والمعنى لا تعجل على طلب هلاكهم بل اصبر عليهم قليلا، فان الله يهلكهم لا محالة بالقتل والذل فى الدنيا وما ينزل عليهم في الآخرة من أنواع العقاب، وإن ما وعدتك لا يبعد عنهم.