التفاسير

< >
عرض

فَذَكِّرْ إِنَّمَآ أَنتَ مُذَكِّرٌ
٢١
لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ
٢٢
إِلاَّ مَن تَوَلَّىٰ وَكَفَرَ
٢٣
فَيُعَذِّبُهُ ٱللَّهُ ٱلْعَذَابَ ٱلأَكْبَرَ
٢٤
إِنَّ إِلَيْنَآ إِيَابَهُمْ
٢٥
ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ
٢٦
-الغاشية

التبيان الجامع لعلوم القرآن

قرأ ابو عمرو والكسائي بمسيطر بالسين باختلاف عنهما. الباقون بالصاد إلا حمزة، فانه اشم الصاد زاياً.
لما بين الله تعالى الدلالة على وحدانيته ونبه على الاستدلال بها، قال لنبيه محمد صلى الله عليه واله { فذكر } يا محمد { إنما أنت مذكر } فالتذكير التعريف للذكر بالبيان الذي يقع به الفهم، والنفع بالتذكير عظيم، لأنه طريق للعلم بالامور التي نحتاج اليها وملين القلب للعمل بها، ومذكر يعني بنعم الله تعالى عندهم وما يجب عليهم فى مقابلتها من الشكر والعبادة فقد أوضح الله تعالى طريق الحجج فى الدين وأكده غاية التأكيد بما لا يسع فيه التقليد بقوله { إنما أنت مذكر } وقوله
{ وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين } وقوله { { إن في ذلك لآية لقوم يعقلون } و { لآية لقوم يتفكرون } و { لآية لقوم يذكرون } و { لآيات لأولي الألباب } وقوله { قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين } وقوله { وجادلهم بالتي هي أحسن } ومحاجة إبراهيم عليه السلام للكافر بربه وقوله { فاعتبروا يا أولى الأبصار } وقوله { أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها } }. وقوله { لست عليهم بمسيطر } فالمسيطر المسلط على غيره بالقهر له يقال تسيطر فلان على فلان، وسيطر إذا تسلط، وعلى وزن مسيطر مبيطر. وقال ابو عبيدة: لا ثالث لهما من كلام العرب، وقيل: كان هذا قبل فرض الجهاد، ثم نسخ، ويجوز أن يكون غير منسوخ، لان الجهاد ليس باكراه القلوب.
وقوله { إلا من تولى وكفر } قيل فى هذا الاستثناء قولان:
احدهما - انه منقطع وتقديره، لكن من تولى وكفر فيعذبه الله العذاب الاكبر
الثاني - إلا من تولى فانك مسلط عليه بالجهاد، فالله يعذبه العذاب الاكبر.
وقال الحسن المعنى: إلامن تولى وكفر، فكله إلى الله. وقيل معناه إلا من تولى وكفر فلست له بمذكر، لأنه لا يقبل منك، فكذلك لست تذكره.
وقوله { إن إلينا إيابهم } فالاياب الرجوع، آب يؤب أوباً وإياباً وتأوّب تأوباً وأوّب يؤوّب تأويباً، ويقال: أيب إياباً على (فيعل، فيعالا) من الأوب وعلى هذا قرئ في الشواذ { أيّابهم } بالتشديد، قال عبيد:

وكل ذي غيبة يؤوب وغائب الموت لا يؤوب

والمعنى ان مرجع الخلق يوم القيامة إلى الله فيحاسبهم ويجازي كل واحد منهم على قدر عمله، فحساب الكفار مقدار ما لهم وعليهم من استحقاق العقاب، وحساب المؤمن بيان ما له وعليه حتى يظهر استحقاق الثواب.