التفاسير

< >
عرض

هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ٱلْغَاشِيَةِ
١
وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ
٢
عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ
٣
تَصْلَىٰ نَاراً حَامِيَةً
٤
تُسْقَىٰ مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ
٥
لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِن ضَرِيعٍ
٦
لاَّ يُسْمِنُ وَلاَ يُغْنِي مِن جُوعٍ
٧
وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ
٨
لِّسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ
٩
فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ
١٠
-الغاشية

التبيان الجامع لعلوم القرآن

قرأ اهل البصرة وأبو بكر عن عاصم { تصلى } بضم التاء على ما لم يسم فاعله يعني تصلى الوجوه { ناراً حامية } الباقون بفتح التاء على أن تكون الوجوه هي الفاعلة
هذا خطاب من الله تعالى للنبي صلى الله عليه وآله يقول له هل أتاك يا محمد ومعناه قد أتاك { حديث الغاشية } قال ابن عباس والحسن وقتادة: الغاشية يوم القيامة تغشى الناس بالاهوال. وقال سعيد بن جبير: الغاشية النار تغشى وجوه الكفار بالعذاب والشواظ. والغاشية المجللة لجميع الجملة، غشيت تغشى غشياناً فهي غاشية، وأغشاها غيرها إغشاء إذا جعلها تغشى. وغشاها تغشية، وتغشى بها تغشياً.
وقوله { وجوه يومئذ خاشعة } معناه إن وجوه العصاة والكفار في ذلك ذليلة خاضعة من ذل المعاصي التي فعلتها في دار الدنيا. والمراد بالوجوه أصحاب الوجوه وإنما ذكر الوجوه، لأن الذل والخضوع يظهر فيها.
وقوله { عاملة ناصبة } قال الحسن وقتادة: معناه لم تعمل لله في الدنيا، فاعمالها في النار. وقال قوم: معناه عاملة ناصبة في دار الدنيا بما يؤديها إلى النار، وهو مما اتصلت صفتهم في الدنيا بصفتهم في الآخرة. ومعنى الناصبة والنصبة التعبة وهي التي اضعفها الانتصاب للعمل يقال: نصب الرجل ينصب نصباً إذا تعب في العمل
ثم بين تعالى ما يعمل بمن وصفه من ذوي الوجوه، فقال { تصلى ناراً حامية }. أي تلزم الاحراق بالنار الحامية التي في غاية الحرارة و { تسقى } أيضاً { من عين آنية } قال ابن عباس وقتادة: آنية بالغة النهاية في شدة الحر.
وقوله { ليس لهم طعام إلا من ضريع } فالضريع نبات تأكله الابل يضر ولا ينفع كما وصفه الله { لا يسمن ولا يغني من جوع } وإنما يشتبه الامر عليهم فيتوهموا انه كغيره من النبت الذى ينفع، لان المضارعة المشابهة، ومنه أخذ الضرع وقيل: الضريع الشرق. وقال ابن عباس ومجاهد وقتادة: هو سم. وقال الحسن: لا أدري ما الضريع لم أسمع من اصحاب محمد صلى الله عليه وآله فيه شيئاً. وقال قوم: ضريع بمعنى مضرع أي يضرعهم يذلهم. وقيل: من ضريع يضرع آكله في الاعفاء منه لخشونته وشدة كراهته.
ثم بين وجوه المطيعين المؤمنين الذين عملوا الطاعات فقال { وجوه يومئذ ناعمة } أي منعمة في أنواع اللذات { لسعيها راضية } بما أداها اليه من الثواب والجزاء والكرامة جزاء لطاعاته التى عملها في الدنيا. وقوله { في جنة عالية } أي في بستان أجنه الشجر على الشرف والجلالة وعلو المكان والمنزلة، بمعنى أنها مشرفة على غيرها من البساتين وهي انزه ما يكون.