التفاسير

< >
عرض

بَرَآءَةٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى ٱلَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ
١
-التوبة

التبيان الجامع لعلوم القرآن

قيل في علة ترك افتتاح هذه السورة بـ { بسم الله الرحمن الرحيم } قولان:
احدهما - ما روي عن ابي بن كعب أنه ضمت هذه السورة إلى الانفال بالمقاربة، فكانتا كسورة واحدة لأن الاولى في ذكر العهود والاخرى في رفع العهود. وقال عثمان لاشتباه قصتهما، لان الاولى في ذكر العهود والاخرى في رفع العهود. وقال المبرد: لأن { بسم الله الرحمن الرحيم } أمان وبراءة نزلت لرفع الامان.
ويحتمل رفع { براءة } وجهين:
احدهما - ان يكون خبراً لمبتدأ محذوف وتقديره هذه الآيات براءة.
والثاني - ان يكون مبتدأ وخبره الظرف في قوله { إلى الذين }. والاول اجود لانه يدل على حصول المدرك كما تقول لما تراه حاضرا: حسن والله اي هذا حسن.
ومعنى البراءة انقطاع برئ براءة وابرأه ابراءاً وتبرأ تبرؤاً وبرئت من المرض وبرأت أبرأ وأبرؤ وبرأ تبريئا. وروى أهل اللغة برأت أبرؤ برءاً، ولم يجيء من المهموز (فعلت أفعل) إلا في هذا الحرف الواحد وبريت القلم أبريه برياً بغير همز، وبراه السير إذا هزله. وبرئ له يبرئ إذا تعرض له، وباراه إذا عارضه وأبرأت البعير إذا جعلت لانفه براه بالالف.
ومعنى الآية برئ الله من المشركين ورسوله { إلا الذين عاهدتم من المشركين } من اعطائتم الامان، والعهود والوفاء لهم بها إلا إذا نكثوا، لانهم كانوا ينكثون ما كان بينهم وبين النبي صلى الله عليه وآله، فأمر الله تعالى النبي صلى الله عليه وآله ان ينبذ ايضاً اليهم عهدهم. وقوله { إلا الذين عاهدتم من المشركين } فالعهد العقد الذي يتقدم به لتوثيق الامر عهد عهداً وعاهد معاهدة وتعاهد الامر تعاهداً وتعهده تعهداً وقوله: { عاهدتم } انما جاء بلفظ الخطاب، لأن فيه دلالة على الأمر بالنبذ إلى المشركين برفع الامان ولولا ذلك لجاز عاقدنا، لان معاقدة النبي صلى الله عليه وآله انما هي عن الله عز وجل. ويجوز رفع الامان والبراءة من غير نقض العهد إذا كان مشروطاً إلى ان يرفعه الله اليهم.