التفاسير

< >
عرض

مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُواْ مَسَٰجِدَ ٱللهِ شَٰهِدِينَ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَٰلُهُمْ وَفِي ٱلنَّارِ هُمْ خَٰلِدُونَ
١٧
-التوبة

التبيان الجامع لعلوم القرآن

قرأ ابن كثير وابو عمرو { مسجد الله } على التوحيد. الباقون على الجمع، فمن قرأ على التوحيد، قال الحسن اراد به المسجد الحرام وبه قال الجبائي. ويحتمل ان يكون اراد المساجد كلها، لأن لفظ الجنس يدل على القليل والكثير. ومن قرأ على الجمع يحتمل ان يكون اراد جميع المساجد. ويحتمل ان يكون اراد المسجد الحرام. وإنما جمع لأن كل موضع منه مسجد يسجد عليه. والقراءتان متناسبتان. والاصل في المسجد هو موضع السجود في العرف يعبر به عن البيت المهيأ لصلاة الجماعة فيه.
اخبر الله تعالى انه ليس لمشرك ان يعمر مسجد الله. والعمارة ان يجدد منه ما استرم من الأبنية، ومنه قولهم: اعتمر اذا زار، لأنه يجدد بالزيارة ما استرم من الحال. وقوله { شاهدين على أنفسهم بالكفر } نصب على الحال، فالشهادة خبر عن علم مشاهد بأن يشاهد المعنى او يظهر ظهور ما يشاهد كظهور المعنى في شهادة أن لا إله إلا الله. والمعني بذلك أحد شيئين:
احدهما - ان فيما يخبرون به دليلا على كفرهم، لان أنهم يقولون نحن كفار، ولكن كما يقال للرجل ان كلامك ليشهد انك ظالم - هذا قول الحسن.
والثاني - قال السدي: ان النصراني إذا سئل ما انت؟ قال نصراني واليهودي يقول انا يهودي وعابد الوثن يقول مشرك فذلك شهادتهم على انفسهم بالكفر. وقال الكلبي: معناه شاهدين على النبي بالكفر، وهو من انفسهم. وقوله { أولئك حبطت أعمالهم وفي النار هم خالدون } اخبار منه تعالى ان اعمال هؤلاء الذين شهدوا على انفسهم بالكفر باطلة بمنزلة ما لم يعمل، لأنهم اوقعوها على وجه لا يستحق بها الثواب، وانهم مع ذلك مخلدون في نار جهنم معذبون بأنواع العذاب.