التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِنَّمَا ٱلْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ ٱلْمَسْجِدَ ٱلْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَـٰذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَآءَ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
٢٨
-التوبة

التبيان الجامع لعلوم القرآن

هذا خطاب من الله تعالى للمؤمنين يخبرهم فيه أن المشركين انجاس ويأمرهم ان يمنعوا المشركين من أن يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا أي الذي أشار اليه، وهي سنة تسع من الهجرة التي نبذ فيها براءة المشركين. وكانت بعده حجة الوداع - وهو قول قتادة وغيره من المفسرين - والمراد بالمسجد الحرام الحرم كله - في قول عطاء وغيره - وكل شيء مستقذر في اللغة يسمى نجساً، فاذا استعمل مفرد قيل: نجس - بفتح النون والجيم معاً - ويقع على الذكر والانثى سواء. وظاهر الآية يقتضي أن الكفار أنجاس، ولا يجوز مع ذلك أن يمكنوا من دخول شيء من المساجد، لأن شركهم أجري مجرى القذر الذي يجب تجنبه، وعلى هذا من باشر يد كافر، وجب عليه ان يغسل يده إذا كانت يده او يد المشرك رطبة. وإن كانت ايديهما يابستين مسحها بالحائط. وقال الحسن: من صافح مشركاً فليتوضأ، ولم يفصل.
واختلفوا في هل يجوز دخولهم المسجد الحرام بعد تلك السنة أم لا؟.
فروي عن جابر ابن عبد الله، وقتادة أنه لايدخله احد إلا أن يكون عبداً او أحداً من اهل الذمة. وقال عمر بن عبد العزيز: لا يجوز لهم دخول المسجد الحرام، ولا يدخل احد من اليهود والنصارى شيئاً من المساجد بحال. وهذا هو الذي نذهب اليه. وقال الطبري وقتادة: سموا انجاساً، لأنهم لا يغتسلون من جنابة. وقوله { وإن خفتم عيلة } فالعيلة الفقر، تقول: عال يعيل إذا افتقر قال الشاعر:

وما يدري الفقير متى غناه وما يدري الغني متى يعيل

وكانوا خافوا انقطاع المتاجر بمنع المشركين، فقال الله تعالى { وإن خفتم عيلة } يعني فقراً بانقطاعهم، فالله يغنيكم من فضله إن شاء - في قول قتادة ومجاهد - وإنما علقه بالمشيئة لأحد أمرين: أحدهما - لان منهم من لا يبلغ هذا المعنى الموعود به، لأنه يجوز ان يموت قبله - في قول ابي علي - والثاني - لتنقطع الآمال إلى الله تعالى، كما قال { { لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين } }. وقوله { إن الله عليم حكيم } معناه عالم بمصالحكم حكيم في منع المشركين من دخول المسجد الحرام.