التفاسير

< >
عرض

وَمِنْهُمْ مَّن يَلْمِزُكَ فِي ٱلصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُواْ مِنْهَا رَضُواْ وَإِن لَّمْ يُعْطَوْاْ مِنهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ
٥٨
-التوبة

التبيان الجامع لعلوم القرآن

قرأ يعقوب { يلمزك } بضم الميم. الباقون بكسرها، وهما لغتان، وهذه الآية فيها اخبار أن من جملة المنافقين الذين ذكرهم من يلمزك يا محمد صلى الله عليه وآله في الصدقات اي يعيبك. وفي قول الحسن. واللمز العيب على وجه المساترة، والهمز العيب - بكسر العين وغمزها - في قول الزجاج - تقول: لمزه يلمزه ويلمزه - بالكسر والضم - وهي صفتهم قال الشاعر:

إذا لقيتك تبدي لي مكاشرة وان تغيبت كنت الهامز اللمزه

وقال رؤبة:

قالت بين عنقي وجمزي في ظل عصري باطلي ولمزي

وقال ابو عبيدة: يلزمك معناه يعيبك. وقال قتادة: معناه يطعن عليك. والهمز الغيبة. ومنه قوله { { هماز مشاء بنميم } }. وقيل لاعرابي: أتهمز الفأرة؟ قال: الهر يهمزها، فأوقع الهمز على الاكل، والهمز كاللمز، ومنه قوله { { أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً } والصدقات جمع صدقة وهي العطية للفقير على وجه البر والصلة، والصدقة الواجبة في الأموال حرام على رسول الله وأهل بيته كأنهم جعلوا في تقدير الأغنياء، فأما البر على وجه التطوع فهو مباح لهم.
وقوله { فإن أعطوا منها رضوا } يعني من الصدقات رضوا بذلك وحمدوك عليه { وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون } يعني إذا لم يعطوا ما طلبوه من الصدقات سخطوا وغضبوا. والصدقة محرمة على من كان غنياً.
واختلفوا في حد الغني، فقال قوم: هو من ملك نصاباً من المال. وقال آخرون: هو من كانت له مادة تكفيه، ملك النصاب أو لم يملك، والذي كان يلمز النبي صلى الله عليه وآله في الصدقات بلتعة بن حاطب، وكان يقول: إنما يعطي محمد الصدقات من يشاء فربما أعطاه النبي صلى الله عليه وآله فيرضى وربما منعه فسخط، فتلكم فيه، فنزلت الآية فيه.