التفاسير

< >
عرض

ٱلَّذِينَ يَلْمِزُونَ ٱلْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ ٱللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
٧٩
-التوبة

التبيان الجامع لعلوم القرآن

قيل: نزلت هذه الآية في علية بن زيد الحارثي وزيد بن اسلم العجلاني فجاء عليه بصاع نم تمر فنثره في الصدقة، وقال: يا رسول الله عملت في النخل بصاعين فصاعاً تركته لأهلي وصاعاً اقرضته ربي، وجاء زيد بن أسلم بصدقة فقال: معتب ابن قشير وعبد الله بن نهيك إنما أراد الرياء. وقال قتادة وغيره من المفسرين: إن هذه الآية نزلت في حجاب بن عثمان، لأنه أتى النبي صلى الله عليه وآله بصاع من تمر وقال: يا رسول الله إني عملت في النخل بصاعين من تمر فتركت للعيال صاعاً واهديت لله صاعاً. وجاء عبد الرحمن بن عوف بأربعة آلاف دينار وهي شطر ماله للصدقة، فقال المنافقون: إن عبد الرحمن لعظيم الرياء، وقالوا في الآخر: إن الله لغني عما أتى به، فأنزل الله تعالى الآية فقال { الذين يلمزون المطوعين } أي ينسبونهم إلى النقص في النفس يقولون: لمزه يلمزه لمزاً إذا انتقصه وعابه والمطوعين على وزن (المتفعلين) وتقديره المتطوعين. فأدغمت التاء في الطاء، ومعناه المتقلين من طاعة الله بما ليس بواجب عليهم، لأن الخير قد يكون واجباً وقد يكون ندباً وقد يكون مباحاً ولا يستحق المدح الا على الواجب والندب دون المباح، وقوله { والذين لا يجدون الا جهدهم } والجهد هو الحمل على النفس بما يشق تقول: جهده يجهده جهداً وجهداً - بالضم والفتح - كالوجد والوجد والضعف والضعف. وقال الشعبي: الجهد في العمل والجهد في القوت. وقوله { فيسخرون منهم } يعني المنافقين يهزؤون بالمطوعين { سخر الله منهم } اي يجازيهم على سخريتهم بأنواع العذاب { ولهم عذاب أليم } اي مؤلم موجع. ولما كان ضرر سخريتهم عائداً عليهم جاز ان يقال { سخر الله منهم } لا انه يفعل السخرية.