التفاسير

< >
عرض

وَإِذَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُواْ بِٱللَّهِ وَجَاهِدُواْ مَعَ رَسُولِهِ ٱسْتَأْذَنَكَ أُوْلُواْ ٱلطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُواْ ذَرْنَا نَكُنْ مَّعَ ٱلْقَاعِدِينَ
٨٦
-التوبة

التبيان الجامع لعلوم القرآن

بين الله تعالى في هذه الآية أنه إذا أنزل سورة من القرآن على النبي صلى الله عليه وآله { أن آمنوا } ومعناه بأن آمنوا فحذفت الباء وجعل { أن آمنوا } في موضع نصب والتقدير بالايمان على وجه الأمر ولا يجوز الحذف مع صريح المصدر، وإنما جاز مع (أن) للزوم الصلة والحمل على التأويل في اللفظ كما حمل على المعنى. وهذا خطاب للمؤمنين وأمر لهم بأن يدوموا على الايمان ويتمسكوا به في مستقبل الأوقات ويدخل فيه المنافق ويتناوله الأمر بأن يستأنف الايمان ويترك النفاق ثم يجاهدوا بعد ذلك بنفوسهم وأموالهم لأنه لا ينفعهم الجهاد مع النفاق.
وقوله { استأذنك أولوا الطول } معناه أن ذوي الغنى من المنافقين إذا انزلت السورة يأمرهم فيها بالايمان والجهاد يستأذنون النبي صلى الله عليه وآله في القعود والتأخر عنه. مع اعتقادهم بطلان الاسلام فيشد ذلك عليهم ويكون عذاباً لهم - وهو قول الحسن وابن عباس - فانهما قالا: إنما لحق هؤلاء الذم لأنهم أقوى على الجهاد. وقوله { وقالوا ذرنا نكن مع القاعدين } اخبار منه تعالى أن هؤلاء المنافقين من ذوي الغنى يقولون للنبي صلى الله عليه وآله: اتركنا نكن مع القاعدين من الصبيان والزمنى والمرضى الذين لا يقدرون على الخروج. قال الرماني: والسورة جملة من القرآن تشتمل على آيات قد احاطت بها كما يحيط سور القصر بما فيه، وسؤر الهر بقيته من الماء. والجهاد بالقتال دفعاً عن النفس معلوم حسنه عقلا لأنه مركوز في العقل وجوب التحرز من المضار، وليس في العقل ما يدل على انه يجب على الانسان ان يمنع غيره من الظلم وإنما يعلم ذلك سمعاً.