التفاسير

< >
عرض

فَأَنذَرْتُكُمْ نَاراً تَلَظَّىٰ
١٤
لاَ يَصْلَٰهَآ إِلاَّ ٱلأَشْقَى
١٥
ٱلَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ
١٦
وَسَيُجَنَّبُهَا ٱلأَتْقَى
١٧
ٱلَّذِى يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّىٰ
١٨
وَمَا لأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَىٰ
١٩
إِلاَّ ٱبْتِغَآءَ وَجْهِ رَبِّهِ ٱلأَعْلَىٰ
٢٠
وَلَسَوْفَ يَرْضَىٰ
٢١
-الليل

التبيان الجامع لعلوم القرآن

قوله { فأنذرتكم ناراً تلظى } وعيد من الله تعالى للمكلفين. تقول خوفتكم المعاصي التي تؤديكم إلى نار تلظى.
وقرأ ابن كثير { ناراً تلظى } بتشديد التاء ادغم احدى التاءين فى الأخرى، لان الأصل تتلظى. وقيل: انه ادغم نون التنوين فى التاء. الباقون بالتخفيف فحذفوا احدى التاءين. والتلظي تلهب النار بشدة الايقاد تلظت النار تتلظى تلظياً ولظى اسم من اسماء جهنم.
وقوله { لا يصلاها إلا الأشقى الذي كذب } وقصر عما أمرته كما تقول: لقي فلان العدو فكذب: إذا نكل ورجع - ذكره الفراء - فكأنه كذب في الطاعة أى لم يتحقق. وقال المفسرون فيها قولان:
احدهما - الانذار بنار هذه صفتها، وهي درك مخصوص من أدراك جهنم فهي تختص هذا المتوعد الذى كذب بآيات الله وجحد توحيده { وتولى } عنها بأن لم ينظر فيها أو رجع عنها بعد أن كان نظر فيها فصار مرتداً. والثاني محذوف لما صحبه من دليل الآي الاخر، كأنه قال ومن جرى مجراه ممن عصى فعلى هذا لا متعلق للخوارج في أن مرتكب الكبيرة كافر.
وقوله { وسيجنبها الأتقى } معناه سيبعد من هذه النار من كان اتقى الله باجتناب معاصيه { الذي يؤتي ماله } أي يعطي ماله { يتزكى } يطلب بذلك طهارة نفسه، فالتجنب تصيير الشيء في جانب عن غيره، فالاتقى يصير في جانب الجنة عن جانب النار يقال: جنبه الشر تجنيباً وتجنب تجنباً وجانبه مجانبة، ورجل جنب، وقد اجنب إذا أصابه ما يجانب به الصلاة حتى يغتسل.
وقوله { وما لأحد عنده من نعمة تجزى } معناه ليس ذلك ليد سلفت تكافي عليها ولا ليد يتخذها عند أحد من العباد، وقوله { إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى } معناه بل إنما فعل ذلك طلب رضوان الله، وذكر الوجه طلباً لشرف الذكر. والمعنى إلا ابتغاء ثواب الله وطلب رضوانه. وقوله { ولسوف يرضى } معناه إن هذا العبد الذي فعل ما فعله لوجه الله سوف يرضى بما يعطيه الله على ذلك من الثواب وجزيل النعيم يوم القيامة.