التفاسير

< >
عرض

فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلاَ إِلَىٰ أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ
٥٠
-يس

تفسير صدر المتألهين

هذا إخبار عما يغشى الناس في النفخة الأولى عند قيام الساعة من الأحوال والأهوال، وما ذكره من الأحوال المشتركة بين القيامتين الكبرى والصغرى.
أما أنهم لا يستطيعون - أي لا يقدرون على الإيصاء بشيء ينفعهم في أمر آخرتهم أو في أعقابهم وأخلافهم - فلانقطاع العمل والسعي عند قيام الساعة، وانتفاء العقب والأهل والولد بعد الموت، لأن ثبوت الشيء للشيء وإضافته إليه متوقف على بقاء ذلك الشيء المنسوب إليه، بل بقاء الطرفين، والأول منتف في القيامة الصغرى، والثاني في الكبرى.
وأما نفي القدرة على الرجوع إلى أهلهم، لما علمت من استحالة رجوع النفوس من نشأة وقعوا فيها إلى نشأة سابقة عليها، لأن الطبائع مفطورة على التوجه إلى غاياتها الذاتية، والتوجهات الفطرية والتطورات الطبيعية ممتنعة الانعكاس والإنقلاب - فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله -، وهذا أصل متين قد أبتنى عليه كثير من القواعد والأحكام، وقد بنينا عليه ابطال التناسخ كما هو مذكور في مقامه.