التفاسير

< >
عرض

وَفُرُشٍ مَّرْفُوعَةٍ
٣٤
إِنَّآ أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَآءً
٣٥
فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً
٣٦
عُرُباً أَتْرَاباً
٣٧
-الواقعة

تفسير صدر المتألهين

وبُسط عالية ليست على وجه هذه الأرض السفليّة، كما يقال: بناء مرفوع، لا أنّها كانت محفوظة ثمّ رفعت. وقيل: منضود بعضها على بعض حتّى ارتفعت أو مرفوعة على الأسرّة.
وعن الجبائي: إنّ معناه ونساء مرتفعات القدر في عقولهنّ وحسنهنّ وكمالهنّ، بدلالة تعقّبها بقوله: { إِنَّآ أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَآءً }. لأنّ المرأة يكنّى عنها بالفراش، فيقال لامرأة الرجل: فراشه، ومنه قوله (صلى الله عليه وآله وسلم):
"الوَلد للفِراش وللعاهر الحَجَر" .
وعلى التفسير الأوّل أضمر لهنّ، لأنّ ذكر الفراش - أي المضاجع - دلَّ عليهنّ.
{ أَنشَأْنَاهُنَّ }: أي ابتدأنا خلقَهنّ من غير مادّة ولا ولادة، لأنّ أمور الآخرة كلّها إنشاءات من غير مادّة واستعداد وحركة، بخلاف أمور الدنيا، فإنّ كلّها ماديّات متجدّدة منقضية، فاعلها طبيعة سيّالة الوجود تدريجيّة الحصول، وقابلها قوّة إنفعاليّة تجدّديّة، والتأثير من الفاعل ليس إلاّ التحريك والإعداد - دون الإنشاء والايجاد -، فإمّا أن يراد بهن اللاتي ابتدأ انشاءَهنّ، أو اللاتي أُعيد خلقُهنّ على سبيل العَوْد.
"وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إنّ أمّ سلمة رضي الله عنها سألته عن قول تعالى: { إِنَّآ أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَآءً }؟ فقال: يا أمّ سلمة، هنَّ اللواتي قُبضن في دار الدنيا عجايز شمطاً رُمْصاً، جعلهنّ الله بعد الكبرَ أتراباً على ميلاد واحد في الاستواء، كلّما أتاهنّ أزواجهن وجدوهنّ أبكاراً.
فلمّا سمعت عايشة ذلك قالت: واوَجَعاه. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ليس هناك وجع.
وقالت عجوز لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ادع الله أن يُدخلني الجنّة.
فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): إنّ الجنّة لا تدخلها العجايز.
فولّت وهي تبكي. فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): أخبروها انّها ليست يومئذ بعجوز وقرأ الآية"
.
عُرُباً: - بضمّ الراء - وقرئ: بسكونها تخفيفاً جمع "عُروب" أي: متحنّنات على أزواجهنّ متحبّبات إليهم، حسنات التبعّل.
أتراباً: متشابهات مستويات في السنّ بنات ثلاث وثلاثين، وكذلك أزواجهنّ، لما روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه يدخل الجنّة أهل الجنّة جُرّداً مُرْداً بيضاً جعداً مكَحّلين، أبناء ثلاث وثلاثين.