التفاسير

< >
عرض

فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ ٱلْحَمِيمِ
٥٤
فَشَارِبُونَ شُرْبَ ٱلْهِيمِ
٥٥
-الواقعة

تفسير صدر المتألهين

قرئ: "شرب" بالحركات الثلاث، فمفتوح الفاء والمضموم مصدران، وعن أبي عبد الله (ع): "أيّام أكل وشُرْب" - بتفح الشين -، وأمّا المكسورة فبمعنى المشروب.
و "الهيم": الإبل التي بها الداء المسمّاة بـ "الهيام"، وهي داء تشرب منه ولا ترتوي، والمفرد "أهْيَم" و "هَيْماء". قال ذو الرمة:

فأصبحت كالهَيماء لا الماء مبرد صَداها ولا يقضي عليها هَيامها

-كذا في الكشّاف - وفيه أيضاً:
قيل: "الهيم" الرمال. ووجهه أن يكون جمع الهيَام بفتح الهاء وهو الرمل الذي لا يتماسك. جمع على فُعُل، كسحب وسَحاب، ثمّ خُفّف وفعل به ما فعل بجمع أبيض، يعني: إذا ملئت بطون بواطنهم من تناول ثمرة الزقّوم، حتّى صاروا كالممتلي غيظاً وحقداً وحسداً وقت هيجانهم، سلّط الله عليهم حرقة القلب وعطش النفس لحبِّ الدنيا والرياسة على الأقران وإيذاء الخلق - كمن به داءُ الكلب لكلب النفس -، فشربوا عليها كاسات من حميم الأهواء والأماني المذمومة الرديّة، وأشواق الأمور السفليّة، وتصوّرات الشرور المؤذية التي يكسر بها بعض شرارة النفس وسَورة الغضب - وإن كانت مؤدّية أخيراً إلى ما صارت بها نفوسهم أسوء حالاً وأكثر حرقة واضطراباً، وطبايعهم أشدّ ثورانا وهيجاناً من الأوّل، لغلبة الحرص والشهوة والحسد والعداوة، كالناقة الهَيماء. والكلب العَقور الذي به أسوء الداء.