التفاسير

< >
عرض

فَسَبِّحْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلْعَظِيمِ
٩٦
-الواقعة

تفسير صدر المتألهين

أي: قدّس الله ونزّهه عن التشبيه والتعطيل، وعن الغرض والتعليل في الأفاعيل، وقصد التشفّي عن الغضب بالانتقام في تعذيب المكذبين الضالّين وإيلام الكفرة المنافقين، وعَظِّمه بحسن الثناء عليه بما ربّاك وهداك مولاك إلى طريق الدين، ونوَّر قلبك بحقّ اليقين، وأراك معادك ومبدأك، وفي أولاك نشأة أخراك، وعاقبة أحبّائك في الجنّة مع الملائكة المقرّبين، ومقام أعدائك في النار مع زمرة المردة والشياطين فتراهم معذّبين بالحميم وتصلية جحيم، { { ٱلنَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً } [غافر:46]، وهم مع ذلك لفرط غفلاتهم، وتراكم جهالاتهم، فرِحون بما عندهم، مغترّون بما هم عليه، كما في قوله: { { فَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ } [النحل:63]. وقوله: { { وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَآءَ فَزَيَّنُواْ لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ } [فصلت:25] وقوله: { { فَلَوْلاۤ إِذْ جَآءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَـٰكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَانُ مَا كَانُواّ يَعْمَلُونَ } [الأنعام:43].
فلا جرم حالهم كما قيل شعراً:

تُسَرّ بما تفنى وتشغل بالمنى كما اغترّ باللذّات في النوم حالم
نهارك يا مغرور سَهْو وغَفلة ونومُك نوم والردى لك لازم
وتعمل شيئاً سوف يكره غيّه كذلك في الدنيا تعيش البهائم