التفاسير

< >
عرض

مَّن ذَا ٱلَّذِي يُقْرِضُ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ
١١
-الحديد

تفسير صدر المتألهين

قرئ: فيضعفه، وقُرِئا منصوبين على جواب الاستفهام، وبالرفع عطفاً على "يقرض"، أو على الخبرية، أي: فهو يضاعفه.
قد شبّه تعالى الإنفاق في سبيله بالقرض الحسن، فأطلق هذا اللفظ عليه مجازاً لعلاقة المشابهة من إعطاء شيء وأخذ شيء لغرض الإحسان.
- فيضاعفه له - أي: يعطيه الله أجره على إنفاقه مضاعفاً بأضعاف من رحمته وَجُودِه، وله أجر كريم في نفسه وقد ضُم إليه الأضعاف.
مكاشفة
القَرْضُ الحَسَن عند أهل الله والعرفاء، أن ينفق الإنسان في طريق معرفة الله وسبيل ملكوته والتفكر في آيات جبروته، مواده الدماغيّة، وأرواحه النفسانية، وقواه الطبيعية، التي هي أعز نقود هذه البلدة وأجناسها، ليعوّض عنها ويحصل في قلبه من نفائس الأثمار المعنوية، وشرائف نقود المعارف الإلهية التي بها يصير الإنسان من أكابر الآخرة وأغنيائها، فائقاً على الأشباه والأقران، متخلصاً من سجن الحسرة والحرمان، وفاقة الجهل والنقصان.
فالله تعالى حيث هيّأ أسباب المعرفة والعبادة للناس، سيّما ذوي البصائر والأكياس، فكأنه أراد منهم هذا القرض الحسن، بتضعيف أجرهم، وأخبر أن هذا الأجر كريم في نفسه، لأن المعارف الربّانية جليلة عظيمة، لأن شرف العلم وكرامته بنسبة شرف المعلوم وكرامته، وليس في الوجود ما هو أكرم وأشرف من ذات المعبود وصفاته وأسمائه وأفعاله، فالسعي في طريقة وصوله، والإنفاق في ابتغاء وجهه، يكون شريفاً كريماً أيضاً، لأن وسيلة الشيء مناسبة له.