التفاسير

< >
عرض

يُولِجُ ٱلْلَّيْلَ فِي ٱلنَّهَارِ وَيُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱلْلَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ
٦
-الحديد

تفسير صدر المتألهين

أي: يُدخل ما نقص من كل منهما في الآخر حسب ما دبّره فيه من مصالح العباد والبلاد - كما نقل عن عكرمة وابراهيم -.
وهو عليم بمكمونات أسرار خلقه، وخفيّات ضمائر عباده، كما يعلم وجوه الخير في نظام العالم، كيف ولو لم يكن عليماً بخفيّات الأسرار، لم تصدر عنه المخلوقات على أفضل ترتيب وأحسن نظام، فانظر أيها المتفكر في حكمةِ الباري وجودهِ، انه لو لم يخلق الأجرام النيّرات على الوضع الذي يقع التفاوت بين الليالي والأيام، والتفاضل بين النور والظلام، بأن يلج أحدهما في الآخر بأمره تارة، وبالعكس تارة أخرى، كذلك على نسق مضبوط ونظام محكم من غير اختلال ولا قصور، لما انصلح حال الخلايق والأنام على هذه الكيفية والتمام.
ألَمْ تَرَ كيف خلق الله النيّرات العلوية على هيآت وأوضاع تنتفع منها الكائنات السفلية، من أنها لو ثبتت أنوارها، أو لازمت دائرة الوجود، لأثرت بافراط فيما حاذاها، وتفريط فيما وراء ذلك، ولو لم يكن لها حركة سريعة لفعلت ما يفعله السكون واللزوم، ولو لم تكن الأنوار الكوكبية ذات حركة سريعة مشتركة واخرى بطيئة مختصة، ولم يجعل دوائر الحركات البطيئة وسُموتِها مائلة عن سَمْت الحركة، لما مالت تلك الأنوار إلى النواحي شمالاً وجنوباً، فلم تنتشر منافعها على بقاع الأرض، ولولا أن حركة الشمس على هذا المنوال من تَخَالُف سمتها لسَمْتِ الحركة السريعة، لما حصلت الفصول الأربعة التي يتم بها الكون والفساد، وتنصلح منها أمزجة البقاع والبلاد.