التفاسير

< >
عرض

ذَلِكَ فَضْلُ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ ذُو ٱلْفَضْلِ ٱلْعَظِيمِ
٤
-الجمعة

تفسير صدر المتألهين

ظل قمري
في الكشّاف: ذلك الفضل الذي أعطاه محمّداً (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو أن يكون نبيّ أبناء عصره ونبي أبناء العصور الغوابر هو فضل الله يؤتيه مَن يشاء إعطاءه وتقتضيه حكمته.
وفي مجمع البيان: عن محمّد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم يرفعه، قال:
"جاء الفقراء إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقالوا: يا رسول الله - إنّ للأغنياء ما يتصّدقون وليس لنا ما نتصدّق. ولهم ما يحجّون وليس لنا ما نحجّ ولهم ما يعتقون وليس لنا ما نعتق.
فقال: من كبّر الله مائة مرّة كان أفضل من عتق رقبة، ومن سبّح الله مائة مرّة كان أفضل من مائة فرس في سبيل الله يسرجها ويلجمها للجهاد ومن هلّل الله مائة مرة كان أفضل الناس عملاً في ذلك اليوم إلاّ من زاد.
فبلغ ذلك الأغنياء فقالوه، فرجع الفقراء إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقالوا: يا رسول الله، قد بلغ الأغنياء ما قلتَ فصنعوه.
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء"
.
نور عَرشي
المراد بالفضل
ما يتراءى من مواضع استعمالات هذه اللفظ في القرآن وغيره مع ضرب من إلهام الله تعالى وتأييده، هو أنّ الفضل عبارة عمّا به يفضّل الإنسان على جميع ما في هذا العالَم من الجواهر والأعراض، ويستحقّ بذلك مسجوديّة الملائكة والجانّ، وهو عبارة عن الإيمان بالله، والعلم بحقائق الأشياء كما هي، والتجرّد عن العالَم الحسّي، وهو إنّما حصل عيانا للنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بالإصالة، ولأولياء الله من أهل بيت نبوّته وولايته تبعاً، وحصل علما برهانيّا لحكماء أمّته، وسماعا تقليديّا لعوام أهل الإيمان، كلّ ذلك بواسطة إشراق نور النبوّة على أراضي قابليّة قلوبهم، إلاّ أنّ في الأوّل وقوع النور، وفي الثاني انعكاسه، وفي الثالث ظلّه،
{ وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ ٱللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُورٍ } [النور:40].
فقوله تعالى: "ذلك" إشارة إلى ما تضمّنه قوله:
{ { وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحِكْمَةَ } أي: العلم بهما. فكلّ من كان أو يكون من العلماء الربّانيّين، والحكماء الإلهيّين أو سيجيء في هذا العالَم، فهو من الذين يزكّيهم الرسول ويعلّمهم الكتاب والحكمة، فهم من الذين شاء الله أن يؤتيهم هذا الفضل، ومأخذ هذا التعليم هو ما يدلّ عليه قوله: { { آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً } [الكهف:65].
بل لا يقتبس نور العلم والحكمة إلاّ من مشكاة النبوّة، ولهذا من يؤتاها فقد أوتي خيراً كثيراً، ويشهد بذلك قوله:
{ { وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً } [النساء:113].
فالتخلّق بأخلاقه (صلى الله عليه وآله وسلم) ممّا يوجب للعبد استعداداً لقبول المعارف الإلهيّة الفايضة على قلبه (صلى الله عليه وآله وسلم) على سبيل الانعكاس منه على قلب هذا العبد المطيع لله ولرسوله، لقوله:
{ { مَّنْ يُطِعِ ٱلرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ ٱللَّهَ } [النساء:80].
وأمّا من لم يكن متأدّباً بآدابه، متخلّقاً بأخلاقه، ولا مهتديا بهداه ضميراً واعتقاداً، سواء تكلّف في ذلك ظاهراً كأكثر المنتحلين لِمذهبه من غير بصيرة باطنيّة ولا انقياد سرّي، أو كان من المنكرين الجاهدين رأساً، فحالهم ما كشف عنه تعالى بقوله:
{ { سَوَآءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } [البقرة:6] فالتزكية والتعليم لا ينجع معهم لأنّ نفعه مختص بالمؤمنين، وإن كان نور الهداية والرحمة ينتشر منه على العالمين لقوله تعالى: { { وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ } [الأنبياء:107].
والدعوة أيضاً شاملة للمكلّفين كافة إلاّ أنّ نصيب النفوس الكَدِرة والأوهام العسوفة منها ليس إلاّ الوحشة والعمى والظلمة والضلال والخسران والوبال، وعليه جرى القلم، ونفذ فيه فحكم القضاء الحتم والقدر المبرم. ولذلك خلقهم
{ { وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لاَّ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ } [الأنعام:115]. لأنّ نظام العالَم لا يتمشّى إلاّ بنفوس غلاظ شداد، ولا تنصلح العمارة في الدنيا إلاّ بطبائع جسمانية يعملون أعمالاً حسيّة بحسب ما يحملون عليه من الدواعي الشهويّة والصوارف الغضبيّة والأغراض البهيميّة والسَّبُعيّة.
ثمّ العجب أنّ نفس التزكية والتعليم كما يوجِب الفضل الجسيم للقلوب الصافية والضمائر النقيّة، كذلك يوجب العذاب الأليم على سبيل التبع والعرَض للنفوس المريضة بِداء الجهالة والغِلظة والمعلومة بعلّة الجحود والاستنكار. وذلك كرائحة المسك بالقياس إلى خيشوم المزكوم ونور الشمس بالنسبة إلى عين الأخفش.
تبصرة كشفية
الكتاب والنبي هاديان ومضلاّن
وهنا هنا يتحقّق وينكشف عند البصير المحدِق والخبير المحقّق انّه إذا تجلّت شمس عظمة القرآن، ووقعت أشعّة أنواره على صفائح هياكل الأرواح الإنسيّة، وسطوح قوابل العقول الهيولانيّة، فكما يظهر منه بالإرادة الإلهيّة والمشيّة الربّانيّة جوهر النور المحمّدي، وإكسير الخلاص السرمدي، ومعدن السعادة الأبديّة، ومولد النشأة الثانية الدائميّة، فكذلك ينشأ منه جوهر النار الإبلسية، وبذر الشجرة الخبيثة الشيطانيّة.
وفي الحديث عنه (صلى الله عليه وآله وسلم):
"بُعثت داعياً وليس إليّ من الهداية شيء وخُلق إبليس مضِلاً وليس إليه من الإضلال شيء" .
فكما ينشأ من التعليم المحمّدي (صلى الله عليه وآله وسلم) في النفوس السقيمة زيادة في مرض الجهل والضلال لقوله تعالى: { { فَزَادَهُمُ ٱللَّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ } [البقرة:10] وقوله: { { مَّا زَادَهُمْ إِلاَّ نُفُوراً } [فاطر:42]. فربما ينشأ من الإغواء الإبليسي في القلوب السليمة الخالصة المخلصة زيادة في العصمة والهداية لهم من الله، كما قال تعالى في حقّ يوسف الصدّيق - على نبيّنا وعليه السلام -: { { كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ ٱلسُّوۤءَ وَٱلْفَحْشَآءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا ٱلْمُخْلَصِينَ } [يوسف:24]. فالله الهادي والمُضلّ.
وهاهنا أسرار لا تحتملها الأفهام تركناها مخافة شنعة اللئام.
تذكرة تنبيهية
القهر واللطف ومظاهرهما
قوله: { يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ } -، فيه إشارة إلى أنّ مشيّته الأزليّة متعلّقة بأمور متكثّرة متخالفة بحسب صفات وأسماء متعدّدة متقابلة، فإنّ لله تعالى صفتي لطف وقهر، ومن الواجب في الحكمة أن يكون الملك - وخصوصاً ملك الملوك - كذلك، إذ كلّ منها من أوصاف الكمال كما لا يخفى، ولا بد لكلّ من الوصفين من مظهر، فالملائكة ونفوس المقرّبين والأخيار ومَن ضاهاهم مظاهر اللطف، والشياطين والأشرار ومَن والاهم مظاهر القهر، ومظاهر اللطف هم أهل الجنّة والأعمال المستعقبة لها، ومظاهر القهر هُم أهل النار والأفعال المعقّبة إيّاها.
ثمّ اعلم - يا مسكين - أنّ لكلّ نور ظلمة في عالم الإمكان ولكل كمال نقصاً، وأنّ كلّ ممكن زوج تركيبيّ كما أشار إليه الحكماء، وبهذا جرت المشيّة الأزليّة والسُنّة الإلهيّة.
وعلى هذا، يكون مقتضى السلطنة الربّانيّة بحسب ازدواج صفتي القهر والمحبّة والغضب والرحمة، ومنهما تنشأ الهداية والضلال والتوفيق والخذلان، والسعادة والشقاوة، والجنّة والنار، والآخرة والدنيا، والأرواح والأجرام بحسب غلبة أحد الطرفين، وإن كان لكلّ جمال أيضاً جلال كالهَيَمان الحاصل من الجلال الإلهي، فإنّه عبارة عن انقهار العقل منه وتحيّره فيه، ولكلّ جلال جمال وهو اللطف المستور في القهر الإلهي، كما قال تعالى:
{ { وَلَكُمْ فِي ٱلْقِصَاصِ حَيَاةٌ يٰأُولِي ٱلأَلْبَابِ } [البقرة:179].
وقال أمير المؤمنين (ع) في بعض خطبه: سبحان من اتّسعت رحمته لأوليائه في شدّة نقمته، واشتدّت نقمته لأعدائه في سعة نعمته.
ومن هنا يُعلم سرّ قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): حُفّت الجنّة بالمكاره، وحُفّت النار بالشهوات.
فهو الله الباري المصّوِّر الغفّار لقوم، وهو الله الواحد العزيز القهّار المتكبّر لقوم آخرين، ولا اعتراض عليه في تخصيص كلّ من الفريقين بما خصّصوا به، فإنّه لو عكس الأمر لكان الاعتراض بحاله.
إشراق شَمْسي
السعادة والشقاوة والإنسان المختار
ثم اعلم أنّ كلّ ما في عالم المُلك والملكوت له طبع خاصّ تصدر عنه آثار وأفعال مخوصة، وكلّ طبع مسخّر لفعل خاصّ، كالنار للتسخين، والماء للتبريد، وله حدّ محدود لا يتجاوزه، ومقام معلوم لا يتعدّاه من أعلى شواهق عالَم الأمر إلى أدنى منازل عالَم الخلق، إلاّ الإنسان، فإنّه مسخّر للاختيار، فالاختيار له بمنزلة الفعل الطبيعي لغيره، لأنّ ذاته ليست ممّا يقف على حدّ ومقام في جوهرها وهويتّها، بل تنقلب من طور إلى طور، ومن نشأة إلى نشأة، وسِعة هذه التقلّبات في الإنسان الكامل أكثر، وتخالف أطواره أشدّ، وقوسه الصعوديّة أعظم، وارتقاؤه إلى عالَم الملكوت أعلى وأتمّ، فلذلك قيل: إنّ الإنسان مضطّر في صورة مختار.
فالمختاريّة مطبوعة فيه اضطراريّة له، وهو مجبول عليه كما جبل طبع الماء والنار والخبز واللحم على التبريد والتسخين والتغذية، فهو من لدن أوّل تكوّنه النطفي، إلى تمام بلوغه الحسّي واستعداده النطقي، لم يكن لاختياره في الترقيّات والتقلّبات مدخل، حتّى بلغ إلى مرتبة حيوان تامّ الحيوانيّة منتصب القامة عريض الأظفار بادي البشرة، ثمّ من عند كونه عاقلاً مكلّفاً ينتقل باختياره الذي هو عين اضطراره، ويتطوّر بأطواره في مراتب افتقاره، فهو إمّا أن يرتقي إلى أعلى علّيين، أو يتردّى إلى أسفل سافلين، أو يقع في أحد أوساط المتوسّطين حسب ما شاء الله وكتب في كتابه المبين:
{ { فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ * فَأَمَّا ٱلَّذِينَ شَقُواْ فَفِي ٱلنَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ } [هود:105 - 106] - الآية - { { وَأَمَّا ٱلَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي ٱلْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا } [هود:108] - الآية - أمّا السعيد فلا يختار إلاّ عمل أهل السعادة، وأمّا الشقيّ فلا يختار إلاّ عمل أهل الشقاوة: { { أَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ ٱلْمَأْوَىٰ نُزُلاً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ * وَأَمَّا ٱلَّذِينَ فَسَقُواْ فَمَأْوَاهُمُ ٱلنَّارُ كُلَّمَآ أَرَادُوۤاْ أَن يَخْرُجُواُ مِنْهَآ أُعِيدُواْ فِيهَا } [السجدة:19 - 20].
ومع ذلك فلا اعتذار لأحد في الشريعة، بل الجميع خوطبوا بخطاب واحد "اعملوا فكلّ ميسّر لما خُلِق له".
ومن هنا نشأت لك شبهة قديمة غير منحلّة - إلاّ لمن أيّده الله بكشف الحقائق -، وهي أنّ الكلّ إذا كان بمشيّة الله، فما الفائدة في بعثه الرسول وتزكيته والتهذيب وإنذاره والتأديب؟
فيقال لك: إنزال الكتب وإرسال الرسل، كما هو سبب من أسباب سعادة السعداء كذلك هو بعينه سبب من أسباب شقاوة الأشقياء، وبهذا السبب كما يرتقي السعيد إلى منازل الملكوت، يهوي الشقيّ إلى مهاوي الطاغوت - كما أشير إليه -.
واعلم أنّ شهوات الدنيا مقرونة بالآفات العظيمة، وحلاواتها ممزوجة بالسموم المهلكة القتّالة، وفائدة البعثة والإنزال إعلام الخلائق وإنذارها عن تناولها والتشاغل بها، فمن كان ذا فطرة صحيحة صدّق الرسول وسمع القرآن بقلبه فانتهى عن تناولها، ومن لم يصدّق الرسول ويُصَمّ عن سماع الكتاب ويعمى عن رؤية الآيات، وكان مريض النفس عليل القلب، أخلَد إلى الأرض واتّبع هواه، فوقع في الهلاك ويئس من الآخرة كما يئس الكفّار من أصحاب القبور.
فكما أنّ المَلك والقرآن والنبيّ رسل الله إلى هؤلاء، فالهوى والنفس والشيطان رسل الله إلى هؤلاء العميان، فاقرأ قوله تعالى:
{ { ٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُمْ مِّنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ } [البقرة:257] - الآية -، وقوله: { { ٱلشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ ٱلْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِٱلْفَحْشَآءِ وَٱللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَٱللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } [البقرة:268] { { يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَآءُ } [البقرة:105]. وقوله - في الحديث القدسي -: "خلقتُ هؤلاء للجنّة ولا أبالي، وخلقت هؤلاء للنار ولا أبالي" .
فالمؤمن الحقيقي من يقبل دعوة الله ويردّ دعوة الشيطان، ولا يقع في حبائل غروره وشَرَك مكره، ويسمع بسمع التيقّظ قول المبلّغ: رُبّ شهوة ساعة أورثت حزناً طويلا.
والرسول قد حذّره بقوله (صلى الله عليه وآله وسلم)
"الدنيا حيّةً فقاتلوها" .
والقرآن علّمه بالبيان والبرهان: { { ٱعْلَمُوۤاْ أَنَّمَا ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي ٱلأَمْوَالِ } [الحديد:20].
والمنافق يردّ دعوة الرحمن ويقبل دعوة الشيطان:
{ { لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ ٱلسَّمَآءِ وَلاَ يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ حَتَّىٰ يَلِجَ ٱلْجَمَلُ فِي سَمِّ ٱلْخِيَاطِ وَكَذٰلِكَ نَجْزِي ٱلْمُجْرِمِينَ * لَهُمْ مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذٰلِكَ نَجْزِي ٱلظَّالِمِينَ } [الأعراف:40 - 41].
قال بعض أصحاب القلوب: إنّ الله يعامل العباد في الأبد على ما عاملهم في الأزل.
وقال بعضهم: ليس الخوف من سوء العاقبة، إنّما الخوف من سوء السابقة.
{ فِطْرَتَ ٱللَّهِ ٱلَّتِي فَطَرَ ٱلنَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ ٱللَّهِ } [الروم:30].
فالسعيد سعيد في الأزل، والشقّي لم يزل. واتل قوله:
{ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ ٱلآخِرَةَ } [آل عمران:152]. وقوله: { { وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ ٱلدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ ٱلآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي ٱلشَّاكِرِينَ } [آل عمران:145].