التفاسير

< >
عرض

وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِّنْهُمَا ٱذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ ٱلشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي ٱلسِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ
٤٢
وَقَالَ ٱلْمَلِكُ إِنِّيۤ أَرَىٰ سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يٰأَيُّهَا ٱلْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّءْيَا تَعْبُرُونَ
٤٣
قَالُوۤاْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ ٱلأَحْلاَمِ بِعَالِمِينَ
٤٤
-يوسف

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (42) وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا } علم نجاته { اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ } اذكر حالي عند الملك وأنّي حبست ظلماً لكي يخلِّصني من السّجن { فَأنسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ } قيل فأنسى الشّيطان صاحب الشّراب أن يذكره لربّه أو أنسى يوسف ذكر اللهِ حتّى استعان بغيره { فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِيِنَ }.
العياشي عن الصادق عليه السلام قال سبع سنين.
وعنه عليه السلام لم يفزع يوسف في حاله إلى الله فيدعوه فلذلك قال الله تعالى فأنساه الشّيطان ذكر ربّه فلبث في السِّجن بضع سنين قال فأوحى الله إلى يوسف في ساعته تلك يا يوسف من أراك الرّؤيا التي رأيتَها فقال أنت يا ربّي قال فمن حبّبك إلى أبيك قال أنت يا ربّي قال فمن وجّه السيّارة إليك فقال أنت يا ربّ قال فمن علّمكَ الدعاء الذي دعوت به حتى جعل لك من الجبّ فرجاً قال أنت يا ربّي قال فمن جعل لك من كيد المرأة مخرجاً قال أنت يا ربّي قال فمن أنطق لسان الصبي بعذرك قال أنت يا ربّي قال فمن صرف كيد امرأة العزيز والنّسوة قال أنت يا ربّي قال فمن ألهمك تأويل الرّؤيا قال أنت يا ربّي قال فكيف استعنت بغيري ولم تستعن بي وتسألني أن أخرجك من السّجن واستعنت وأمّلت عبداً من عبادي ليذكرك إلى مخلوق من خلقي في قبضتي ولم تفزع إليّ البث في السِّجن بذنبك بضع سنين بارسالك عبدا إلى عبد.
وفي رواية أخرى عنه عليه السلام اقتصر على بعضِها وزاد في كلّ مرة فصاح ووضع خدّه على الأرض ثمّ قال أنت يا ربّ.
والقميّ مثله وفي رواية أخرى عنه عليه السلام فقال يوسف أسألك بحقّ آبائي عليك الاّ فرّجت عني فأوحى الله إليه يا يوسف وأيّ حقّ لآبائك وأجدادك عليّ ان كان أبوك آدم خلقته بيدي ونفخت فيه من روحي واسكنته جنّتي وأمرته أن لا يقرب شجرة منها فَعَصَاني وسألني فتبت عليه وان كان أبوك نوح انتجبته من بين خلقي وجعلته رسولاً إليهم فلّما عصوا دعاني فاستجبت له وغرّقتهم وأنجيته ومن معه في الفلك وان كان أبوك ابراهيم اتخذته خليلاً وأنجيته من النّار وجعلتها عليه برداً وسلاماً وان كان يعقوب وهبت له اثني عشر ولداً فغّيبت عنه واحداً فما زال يبكي حتّى ذهب بصره وقعد على الطريق يشكوني إلى خلقي فأيّ حق لآبائك عليّ قال فقال له جبرئيل قل يا يوسف أسألك بمنّك العظيم واحسانك القديم فقالها فرأى الملك الرّؤيا وكان فرجه فيها.
وفي المجمع والقميّ والعياشي عنه عليه السلام لما انقضت المدّة وأذن الله له في دعاء الفرج وضع خدّه على الأرض ثم قال اللّهم إن كانت ذنوبي قد أخلقت وجهي عندك فانّي أتوجّه إليك بوجوه آبائي الصالحين إبراهيم واسماعيل واسحاق ويعقوب ففرّج الله عنه، قيل أندعوا نحن بهذا الدعاء قال ادعوا بمثله اللّهم إن كانت ذنوبي قد أخلقت وجهي عندك فانّي أتوجّه إليك بنبيّك نبيّ الرحمة محمّد وعليّ وفاطمة والحَسَن والحُسين والأئمّة عليهم السلام.
{ (43) وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلاَتٍ } في المجمع والعياشي عن الصادق عليه السلام أنّه قرأ وسبع سنابل { خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ } وسبعاً يابسات التوت على الخضر حتى غلبن عليها واستغنى عن بيان حالها بذكر حال البقرات { يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ } عبّروها { إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ } ان كنتم عالمين بتأويلها.
{ (44) قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ } أي هذه أضغاث أحلام وهي تخاليطها وأباطيلها وما يكون منها من وسوسة أو حديث نفس جمع ضغث وأصله ما جمع من اخلاط النّبات وحزم فاستعير للرؤيا الكاذبة.
في الكافي عن الصادق عليه السلام الرّؤيا على ثلاثة وجوه بشارة من الله للمؤمن وتحذير من الشيطان واضغاث أحلام { وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأَحْلاَمِ بِعَالِمِينَ } يعنون الأحلام الباطلة خاصة اعتذاراً لجهلهم بتأويله بأنّه مّما ليس له تأويل.