{ (9) عَالِمُ الْغَيْبِ } ما لا يدركه الحسّ { وَالشَّهَادَةِ } ما يدركه { الكَبِيرُ } العظيم الشأن
الذي كلّ شيءٍ دونه حقير { الْمُتَعَالِ } المستعلي على كلّ شيءٍ بعظمته.
{ (10) سَوَاءٌ مِنكُم مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ } في نفسه { وَمَن جَهَرَ بِهِ } لغيره { وَمَنْ هُوَ
مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ } طالب للخفاءِ في مختبأ بالليل { وَسَارِبٌ } بارز { بِالنَّهَارِ } يراه كل أحد.
القمي عن الباقر عليه السلام يعني السّرّ والعلانية عنده سواء.
{ (11) لَهُ } لمن أسرَّ أو جهر أو استخفى أو سرب { مُعَقِّبَاتٌ } ملائكة يعقب بعضهم
بعضاً في حفظه وكلاءته { مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ } من جوانبه { يَحْفَظُونَهُ مِنْ أمْرِ اللهِ } قيل
من اجل أمر اللهِ أي من اجل انّ الله أمرهم بحفظه.
والقمي عن الصادق عليه السلام أنّ هذه الآية قرئت عنده فقال لقارئيها
ألستم عَرْباء فكيف يكون المعقبات من بين يديه وانّما المعقب من خلفه فقال الرجل
جعلت فداك كيف هذا فقال إنّما أنزلت له معقبات من خلفه ورقيب من بين يديه
يحفظونه بأمر اللهِ ومن ذا الذي يقدر أن يحفظ الشّيءَ من أمر اللهِ وهم الملائكة الموّكلُونَ
بالناس ومثله العياشي عنه عليه السلام.
وفي المناقب والقمي عن الباقر عليه السلام من أمر الله يقول بأمر الله من أن
يقع في ركيّ أو يقع عليه حائط أو يصيبه شيء حتى اذا جاء القدر خلّوا بينه وبينه يدفعونه
إلى المقادير وهما ملكان يحفظانه بالليل وملكان بالنهار يتعاقبانه.
والعياشي عن الصادق عليه السلام ما يقرب منه وفي المجمع عَن أمير
المؤمنين عليه السلام أنّهم ملائكة يحفظونه من المهالك حتى ينتهوا به إلى المقادير
فيخلّون بينه وبين المقادير { إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ } من العافية والنِّعمة { حَتَّى يُغَيِّرُوا
مَا بِأَنفُسِهِْم } من الأحوال الجملية بالأحوال القبيحَة.
العياشي عن الباقر عليه السلام إنّ الله قضى قضاءً حتماً لا ينعم على عبده
نعمة فيسلبها إيّاه قبل أن يحدث العبد ذنباً يستوجب بذلك الذنب سلب تلك النعمة
وذلك قول الله إنّ الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم.
وفي المعاني عن السجاد عليه السلام الذنوب التي تغيّر النعم البغي على
الناس والزوال عن العادة في الخير واصطناع المعروف وكفران النعم وترك الشكر ثم تلا
الآية { وَإِذَا أرَادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ } من يلي أمرهم فيدفع
عنهم السُّوء.
{ (12) هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً } من أذاه { وَطَمَعاً } في الغيثِ.
في العيون عن الرضا عليه السلام خوفاً لِلمسافِر وطمعاً للمقيم { وَيُنشِىءُ
السَّحَابَ الثِّقَالَ } القميّ يعني يرفعها من الأرض.
{ (13) وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ } روي عن النّبيّ صلىَّ الله عليه وآله وسلم "أنّه سئل
عن الرّعد فقال ملك مّوكل بالسحاب معه مخاريق من نار يسوق بها السّحاب" .
وفي الفقيه روي أنّ الرعد صوت ملك أكبر من الذباب وأصغر من الزّنبور.
وفيه والعياشي عن الصادق عليه السلام أنه بمنزلة الرجل يكون في الإِبل
فيزجرها هاي هاي كهيئة ذلك.
وفي المجمع "عن النّبيّ صلىَّ الله عليه وآله وسلم اذا سمع صوت الرعد قال
سبحان من سبّح الرّعد بحمده" { وَالْمَلاَئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ } من خوفه واجلاله { وَيُرْسِلُ
الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَاءُ } فيهلكه { وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ } حيث يكذبون رسول
الله صلىَّ الله عليه وآله وسلم فيما يصفه من التفرّد بالألوهية واعادة الناس ومجازاتهم { وَهُوَ
شَدِيدُ الْمِحَالِ } أي المماحلة والمكايدة لأعدائه وقيل من المحلّ بمعنى القوة.
والقميّ أي شديد الغضب وفي المجمع عن أمير المؤمنين عليه السلام شديد
الأخذ.
وفي الأمالي "أنّ رسول اللهِ صلىَّ الله عليه وآله وسلم بعث رجلاً إلى فرعون من
فراعنة العَرَب يدعوه إلى الله عزّ وجلّ فقال للرسول أخبرني عن الذي تدعوني إليه
أمن فضّة هو أم من ذهب أم من حديد فرجع إلى النّبي صلىَّ الله عليه وآله وسلم فأخبره
بقوله فقال النّبيّ صلىَّ الله عليه وآله وسلم ارجع إليه فادعه قال يا نبيّ الله انّه أعتى من
ذلك قال ارجع إليه فرجع إليه فقالَ كقوله فبينا هو يكلّمه اذ رعدت سحابة رعدة
فألقت على رأسه صاعقة ذهب يقحف رأسه فأنزل الله جلّ ثناؤه يرسل الصواعق
الآية" .
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام أنّ الصواعق لا تصيب ذاكِراً قيل وَما
الذاكر قال من قرأ مئة آية.