التفاسير

< >
عرض

وَجَعَلُواْ لِلَّهِ أَندَاداً لِّيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُواْ فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى ٱلنَّارِ
٣٠
قُل لِّعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يُقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَيُنْفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خِلاَلٌ
٣١
ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ ٱلثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي ٱلْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلأَنْهَارَ
٣٢
وَسَخَّر لَكُمُ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ دَآئِبَينَ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلَّيلَ وَٱلنَّهَارَ
٣٣
وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ ٱلإنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ
٣٤
وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ ٱجْعَلْ هَـٰذَا ٱلْبَلَدَ ءَامِناً وَٱجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ ٱلأَصْنَامَ
٣٥
-إبراهيم

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (30) وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَندَاداً لِّيُضِلُّوا عَن سَبِيلِهِ } الذي هو التوحيد وقرىء بفتح الياءِ وليس الاضلال ولا الضلال غرضهم في اتخاذ الأنداد لكن لمّا كان نتيجته جعل كالغرض { قُلْ تَمَتَّعُوا } ايذان بأنهم كانوا مأمورين بالتمتّع لانغماسهم فيه وأنّهم لا يعرفون غيره { فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إلَى النَّارِ }.
{ (31) قُلْ لِّعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاَةَ } اي اقيموا الصلاة يقيموا او ليقيمُوا { وَيُنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً } العياشي مضمراً من الحقوق التي هي غير الزّكوة المفروضة { مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَ بَيْعٌ فِيهِ } فيبتاع المقصّر ما يتدارك به تقصيره ويفدي به نفسه { وَلاَ خِلاَلٌ } ولا مخالّة فيشفع لك خليل.
والقميّ أي لا صدقة.
{ (32) اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَكُمْ } تعيشون به وهو يشمل المطعوم والملبوس وغيرهما { وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بَأَمْرِهِ } إلى حيث توجهتم { وَسَخَّرَ لَكُمُ الأَنْهَارَ } وجعلها معدّة لانتفاعكم وتصرّفكم وعلّمكم كيفية اتخاذها.
{ (33) وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ } في مرضاته يدأبان في سيرهما لا يفتران في منافع الخلق واصلاح ما يصلحان من الأرض والنّبات والأبدان { وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ } يتعاقبان لسباتكم ومعاشكم.
{ (34) وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ }.
في المجمع عنهما عليهما السلام أنّهما قرءا من كل ما سألتموه بالتنوين.
والعياشي عن الباقر عليه السلام الثوب والشيء الذي لم تسأله إيّاه أعطاك ولعلّ المراد بما سألتموه ما كان حقيقاً بأن يسأل سئل أم لم يسأل { وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللهِ لاَ تُحْصُوهَا } لا تعدوها ولا تطيقوا حصر أنواعها فضلاً عن افرادها.
في الكافي عن السجاد عليه السلام أنّه إذا قرأ هذه الآية يقول سبحان من لم يجعل في أحد من معرفة نعمة إلاّ المعرفة بالتقصير عن معرفتها كما لم يجعل في أحد من معرفة ادراكه أكثر من العلم أنه لا يدرك فشكر تعالى معرفة العارفين بالتقصير عن معرفة شكره فجعل معرفتهم بالتقصير شكراً كما علم علم العالمين أنّهم لا يدركونه فجعله إيماناً علماً منه أنّه قد وسع العباد فلا يتجاوز ذلك فانّ شيئاً من خلقه لا يبلغ مدى عبادته وكيف يبلغ مدى عبادته من لا مدى له ولا كيف تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً { إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ } للنعمة لا يشكرها { كَفَّارٌ } يكفرها.
{ (35) وَإِذْ قَالَ إبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ } بلد مكة { آمِناً } ذا أمن لمن فيها قد سبق بيانه في سورة البقرة { وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَعْبُدَ الأَصْنَامَ }.
العياشي عن الصادق عليه السلام أنّه أتاه رجل فسأله عن شيء فلم يجبه فقال له الرجل إن كنت ابن أبيك فانّك من أبناء عبدة الأصنام فقال له كذبت إنّ الله أمر إبراهيم عليه السلام أن ينزل اسماعيل بمكّة ففعل فقال إبراهيم عليه السلام ربّ اجعل هذا البلد آمناً واجنبني وبنيّ أن نعبد الأصنام فلم يعبد أحد من ولد إسماعيل صنماً ولكن العرب عبدة الأصنام وقالت بنو إسماعيل هؤلاء شفعاؤنا وكفرت ولم تعبد الأصنام.
وفي الاحتجاج عن أمير المؤمنين عليه السلام قال قد حظر على من مسّه الكفر تقلّد ما فوّضه إلى أنبيائه وأوليائه بقول لإِبراهيم عليه السلام لا ينال عهدي الظالمين أي المشركين لأنّه سمّى الشرك ظلماً بقوله إنّ الشرك لظلم عظيم فلما علم ابراهيم أنّ عهد الله بالإمامة لا ينال عبدة الأصنام قال واجنبني وبنيّ أن نعبد الأصنام وفي الأمالي عن النبي صلىَّ الله عليه وآله وسلم ما يقرب منه قال في آخره فانتهت الدعوة إليّ وإلى أخي عليّ لم يسجد أحد منّا لصنم قطّ فاتخذني الله نبيّاً وعليّاً وصيّاً.