التفاسير

< >
عرض

أَتَىٰ أَمْرُ ٱللَّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ
١
يُنَزِّلُ ٱلْمَلاۤئِكَةَ بِٱلْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوۤاْ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنَاْ فَٱتَّقُونِ
٢
خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحَقِّ تَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ
٣
خَلَقَ ٱلإِنْسَانَ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ
٤
وَٱلأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ
٥
وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ
٦
وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَىٰ بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ ٱلأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ
٧
-النحل

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (1) أَتَى أمْرُ اللهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ } قيل كانوا يستعجلون ما أوعدهم الرسول صلىَّ الله عليه وآله وسلم من قيام الساعة واهلاك الله إيّاهم كما فعل يوم بدر استهزاءً وتكذيباً ويقولون إن صحّ ما تقوله فالأصنام تشفع لنا وتخلّصنا منه فنزلت والمعنى أنّ الأمر الموعود به بمنزلة الآتي المتحقق من حيث أنه واجب الوقوع فلا تستعجلوا وقوعه فانّه لا خير لكم فيه ولا خلاص لكم عنه.
القميّ قال نزلت لمّا سألت قريش رسول الله صلىَّ الله عليه وآله وسلم أن ينزل عليهم العذاب فأنزل الله أتى أمر الله فلا تستعجلوه.
والعياشي عن الصادق عليه السلام إذا أخبر الله أنّ شيئاً كائن فكأنه قد كان { سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ } تبرأ وجلّ أن يَكون له شريك فيدفع ما أراد بهم وقرىء بالتاءِ.
{ (2) يُنَزِّلُ الْمَلاَئِكَةَ بِالرُّوحِ } بما يحيي به القلوب الميتة بالجهل من الوحي والقرآن.
القميّ يعني بالقوّة التي جعلها الله فيهم.
وعن الباقر عليه السلام يقول بالكتاب والنبوة وقرىء ينزل من أنزل وتنزل على المبنيّ للمفعول والتشديد { مِنْ أمْرِهِ } من ملكوته { عَلى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ }.
في البصائر عن الباقر عليه السلام أنّه سئل عن هذه الآية فقال جبرئيل الذي نزل على الأنبياء والرّوح يكون معهم ومع الأوصياء لا يفارقهم يفقّههم ويسدّدهم من عند الله. الحديث. ويأتي كلام آخر في الرّوح في سورة بني إسرائيل إن شاء الله وقد سبق تمام تحقيقه في سورة الحجر { أنْ أَنذِرُوا } بأن اعلموا من أنذرت بكذا إذا أعلمته { أَنَّهُ لاَ إلَهَ إِلاَّ أنَا فَاتَّقُونِ }.
{ (3) خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعَالَى عَمَّا يُشرِكُونَ }.
{ (4) خَلَقَ الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ }.
القميّ قال خلقه من قطرة ماءٍ منتن فيكون خصيماً متكلّماً بليغاً.
{ (5) وَالأَنْعَامَ } الأزواج الثمانية { خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ }.
القميّ ما يستدفؤن به ممّا يتخذ من صوفها ووبرها { وَمَنافِعُ } نسلها ودرّها وظهورها واثارة الأرض وما يعّوض بها { وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ } أي تأكلون ما يؤكل منها كاللّحُوم والشحُوم والألبان.
{ (6) وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ } زينة { حِينَ تُرِيحُونَ } تردّونها من مراعيها إلى مراحها بالعشّي { وَحِينَ تَسْرَحُونَ } تخرجونها بالغداة إلى المرعى فانّ الأفنية تتزيّن بها في الوقتين ويجلّ أهلها في أعين الناظرين إليها وتقديم الاراحة لأنّ الجمال فيها أظهر فانّها تقبل ملأ البطون حافلة الضروع ثم تأوي إلى الحظائر حاضرة لأهلها.
{ (7) وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ } أحمالكم { إلَى بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُوا بَالِغيهِ } ان لم تكن فضلاً عن أن تحملوها على ظهوركم إليه { إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ } الا بكلفة ومشقّة { إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ } حيث رحمكم بخلقها لانتفاعكم بها وسهولة الأمر عليكم.