التفاسير

< >
عرض

وَلَهُ مَا فِي ٱلْسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَلَهُ ٱلدِّينُ وَاصِباً أَفَغَيْرَ ٱللَّهِ تَتَّقُونَ
٥٢
وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ ٱللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ ٱلضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ
٥٣
ثُمَّ إِذَا كَشَفَ ٱلضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْكُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ
٥٤
لِيَكْفُرُواْ بِمَآ آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُواْ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ
٥٥
وَيَجْعَلُونَ لِمَا لاَ يَعْلَمُونَ نَصِيباً مِّمّا رَزَقْنَاهُمْ تَٱللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ
٥٦
وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ ٱلْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَّا يَشْتَهُونَ
٥٧
وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِٱلأُنْثَىٰ ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ
٥٨
يَتَوَارَىٰ مِنَ ٱلْقَوْمِ مِن سُوۤءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَىٰ هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي ٱلتُّرَابِ أَلاَ سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ
٥٩
لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ مَثَلُ ٱلسَّوْءِ وَلِلَّهِ ٱلْمَثَلُ ٱلأَعْلَىٰ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ
٦٠
وَلَوْ يُؤَاخِذُ ٱللَّهُ ٱلنَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَآبَّةٍ وَلٰكِن يُؤَخِّرُهُمْ إلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّىٰ فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ
٦١
وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ ٱلْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ ٱلْحُسْنَىٰ لاَ جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ ٱلْنَّارَ وَأَنَّهُمْ مُّفْرَطُونَ
٦٢
-النحل

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (52) وَلَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ } خلقاً وملكاً { وَلَهُ الدِّينُ } الطاعة { وَاصِباً }.
العياشي عن الصادق عليه السلام قال واجباً { أَفَغَيْرَ اللهِ تَتَّقُونَ }.
{ (53) وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ }.
القميّ النعمة الصِحة والسعة والعافية.
وعن الصادق عليه السلام من لم يعلم أنّ لله عليه نعمة في مطعم أو ملبس فقد قصر عمله ودنا عذابه { ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ } فما تتضرّعون الا إليه والجور رفع الصوت بالدعاءِ والاستغاثة.
{ (54) ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنكُمْ إِذَا فَرِيقُ مِّنكُم بِرَبِهِّمْ يُشْرِكُونَ }.
{ (55) لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ } من نعمة الكشف عنهم كأنّهم قصدوا بشركهم كفران النِّعمة وانكار كونها من الله { فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } تهديد ووعيد.
{ (56) وَيَجْعَلُونَ لِمَا لاَ يَعْلَمُونَ } لآلهتهم التي لا علم لها أو لا علم لهم بها { نَصِيباً مِّمَّا رَزَقْنَاهُمْ } من الزّرُوع والأنعام.
القميّ كانت العرب يجعلون للأصنام نصيباً في زرعهم وإِبلهم وغنمهم فردّ الله عليهم { تَاللهِ لَتُسْئَلُنَّ عَمّا كُنتُمْ تَفْتَرُونَ } من أنّها آلهة وأنّها أهل للتقرب إليها وهو وعيد لهم على ذلك.
{ (57) وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ }.
القميّ قالت قريش الملائكة هم بنات الله { سُبْحَانَهُ } تنزيه له من قولهم أو تعجب منه { وَلَهُم مَّا يَشْتَهُونَ } يعني البَنين.
{ (58) وَإِذَا بُشِّرَ أحَدُهُم بِالأُنثَى } أخبر بولادتها { ظَلَّ } صار { وَجْهُهُ مُسْوَدّاً } من الكآبة والحياءِ من الناسِ { وَهُوَ كَظِيمٌ } مملوّ غيظاً من المرأة.
{ (59) يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ } يستخفي منهم { مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أيُمْسِكُهُ } محدثاً نفسه متفكراً في أن يتركه { عَلَى هُونٍ } ذلٍّ { أمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ } أم يخفيه فيه ويئده { أَلاَ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ } حيث يجعلون لمن تعالى عن الولد ما هذا محلّه عندهم.
{ (60) لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ } صفة السوء وهي الحاجة إلى الولد والإِستظهار بالذكور وكراهة الإِناث ووأدهنّ خشية الإِملاق والعار { وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى } وهي الصفات الإلهيّة والغنى عن الصاحبة والولد والنزاهة عن صفات المخلوقين { وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } المتفرد بكمال القدرة والحكمة.
{ (61) وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِم } بكفرهم ومعاصيهم { مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا } على الأرض { مِن دَآبَّةٍ } قط بشؤم ظلمهم أو من دابّة ظالمة { وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إلَى أَجَلٍ مُّسَمّىً } كي يتوالدُوا { فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ }.
{ (62) وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ } اي ما يكرهونه لأنفسهم من البنات والشرّكاءِ في الرّياسة والإِستخفاف بالرّسل وأراذل الأموال { وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ } مع ذلك.
القميّ يقول ألسنتهم الكاذبة { أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَى } أي عند الله كقول قائلهم ولئن رجعت إلى ربّي إنّ لي عنده للحسنى { لاَ جَرَمَ أنَّ لَهُمُ النَّارَ } ردّ لكلامهم واثبات لضدّه { وَأنَّهُم مُّفْرَطُونَ } مقدمون إلى النار معجّلون وقرىء بكسر الراءِ من الإِفراط في المعاصي.
القميّ أي معذّبون.