التفاسير

< >
عرض

وَأَوْفُوا ٱلْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُواْ بِٱلقِسْطَاسِ ٱلْمُسْتَقِيمِ ذٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً
٣٥
وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ ٱلسَّمْعَ وَٱلْبَصَرَ وَٱلْفُؤَادَ كُلُّ أُولـٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً
٣٦
وَلاَ تَمْشِ فِي ٱلأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ ٱلأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ ٱلْجِبَالَ طُولاً
٣٧
كُلُّ ذٰلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً
٣٨
ذَلِكَ مِمَّآ أَوْحَىٰ إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ ٱلْحِكْمَةِ وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ فَتُلْقَىٰ فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَّدْحُوراً
٣٩
-الإسراء

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (35) وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ } ولا تَبخسُوا فيه { وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ } بالميزان السّويّ وقرىء بكسر القاف.
القمّي عن الباقر عليه السلام هو الميزان الذي له لسان { ذَلِكَ خَيْرٌ وَأحْسَنُ تَأْوِيلاً } وأحسن عاقبة.
{ (36) وَلاَ تَقْفُ } ولا تتّبع.
القميّ أي لا تقل { مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ }.
القميّ لا ترم أحداً بما ليس لك به علم قال رسول الله صلىَّ الله عليه وآله وسلم
"من بهت مؤمناً أو مؤمنة أقيم في طينة خبال أو يخرج ممّا قال { إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً }" .
وفي الكافي والعياشي عن الصادق عليه السلام في هذه الآية يسأل السمع عمّا سمع والبصر عمّا نظر إليه والفؤاد عمّا عقد عليه.
والكافي وفي الفقيه والقمّي والعياشي عنه عليه السلام قال له رجل إن لي جيراناً ولهم جَوار يتغنّين ويضربن بالعود فربّما دخلت المخرجَ فأطيل الجلوس استماعاً منّي لهنّ فقال الصادق عليه السلام لا تفعل فقال والله ما هو شيء آتيه برجلي إنّما هو سماع أسمعه بأذني فقال له الصادق عليه السلام تالله أنت أما سمعت الله يقول إنّ السّمعَ والبَصَر والفؤادَ كل أولئك كان عنه مسئولاً فقال الرجل كأنّي لم أسمع بهذه الآية من كتاب الله من عَرَبيّ ولا عجميّ لا جرم أنّي قد تركتها وأنا أستغفر الله الحديث.
وفي العلل عن السّجّاد عليه السلام ليس لك أن تتكلّم بما شئت لأنّ الله يقول ولا تقف ما ليس لك به علم ولأنّ رسول الله صلىَّ الله عليه وآله وسلم قال
"رحم الله عبداً قال خيراً فغنم أو صَمَتَ فسلم وليس لك أن تسمع ما شئت لأنّ الله يقول إنّ السمع والبصر الآية" .
وفي مصباح الشريعة عن الصادق عَليه السلام ومن نام بعد فراغة من أداءِ الفرائض والسّنن والواجبات من الحقوق فذلك نوم محمود وأنّي لا أعلم لأهل زماننا هذا إذا أتوا بهذِهِ الخصال أسلم من النوم لأنّ الخلق تركوا مراعاة دينهِم ومراقبة أحوالهم وأخذوا شمال الطريق والعبد إن اجتهد ان لا يتكلّم كيف يمكنه أن لا يسمع إلا ما له مانع من ذلك وانّ النوم من أحد تلك الآلات قال الله عزّ وجلّ إن السمع والبصر وتلا الآية.
{ (37) وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرضِ مَرَحاً } ذا مرح وهو الإِختيال.
القمّي أي بطراً وفرحاً { إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ } لن تجعل فيها خرقاً لشدة وطأتك القميّ أي لن تبلغها كلّها { وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً } بتطاولك.
القمّي أي لا تقدر أن تبلغ قلل الجبال قيل هو تهكّم بالمختال وتعليل للنهي بأن الإِختيال حماقة مجرّدة لا يعود بجدوى وليسَ في التذلّل في الفقيه عن أمير المؤمنين عليه السلام في وصيّته لمحمّد بن الحنفية وفرض على الرجلين أن تثقلهما في طاعتِهِ وان لا تمشي مشية عاصٍ فقال عزّ وجلّ ولا تمش في الأرض مرحاً.
{ (38) كُلُّ ذَلِكَ } اشارة الى الخصال الخمس والعشرين المذكورة من قوله ولا تجعل مع الله إلهاً آخر وعن ابن عباس أنها المكتوبة في الواح موسى { كَانَ سَيِّئُهُ } يعني المنهي عنه منه وقرىء سيئة { عِندَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً } مبغوضاً.
{ (39) ذَلِكَ مِمّا أوْحَى إلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إلهاً آخَرَ } كرره للتنبيه على أنّ التوحيد مبدأ الأمر ومنتهاه ورأس الحكمة وملاكها { فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً } تلوم نفسك { مَدْحُوراً } مبعداً من رحمة الله.
القمّي فالمخاطبة للنّبيّ صلىَّ الله عليه وآله وسلم والمعنى للنّاسِ.
في الكافي عن الباقر عليه السلام في حديث ثم بعث الله محمَداً وهو بمكّة عشر سنين فلم يمت بمكة في تلك العشر سنين أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأنّ محمّداً رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم إلاّ أدخله الجنّة باقراره وهو إيمان التصديق ولم يعذب الله أحداً ممّن مات وهو متّبع لمحمّد صلَّى الله عليه وآله وسلم على ذلك إلاّ من أشرك بالرحمن وتصديق ذَلك أنّ الله عزّ وجلّ أنزل عليه في سورة بني إسرائيلَ بمكة
{ وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِٱلْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً } [الإسراء: 23] إلى قوله { { إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً } [الإسراء: 30] أدبٌ وعظة وتعليم ونهي خفيف ولم يعد عليه ولم يتواعد على اجتراحِ شيءٍ مما نهى عنه وأنذر نهياً عن أشياء حذر عليها ولم يغلط فيها ولم يتواعد عليها وقال ولا تقتلوا أولادكم خشية املاق وتلا الآيات إلى قوله ملوماً مدحوراً.