التفاسير

< >
عرض

فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَآ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ ٱلدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَّفْعُولاً
٥
ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ ٱلْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً
٦
إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ ٱلآخِرَةِ لِيَسُوءُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ ٱلْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيراً
٧
عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً
٨
-الإسراء

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (5) فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَٰهُمَا } وعد عقاب أوليهما { بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَا }.
في الجوامع عن عليّ عليه السلام أنه قرأ عَبيداً لنا { أُوْلِيِ بَأْسٍ شَدِيدٍ } ذوي قوّة وبطش في الحرب شديدٍ { فَجَاسُوا } تردّدوا لطلبكم { خِلاَلَ الدِّيَارِ } وسطها للقتل والغارة والسّبي { وَكَانَ وَعْداً مَّفْعُولاً } وكان وعد عقابهم لا بدّ أن يفعل.
{ (6) ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ } الدولة والغلبة { عَلَيْهِمْ } على الذين بعثوا عليكم { وَأمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أكْثَرَ نَفِيراً } ممّا كنتم والنّفير من ينفر مع الرّجل من قومه والمجتمعُون للذهاب إلى العدوّ.
{ (7) إِنْ أحْسَنتُمْ أحْسَنتُمْ لأَنفُسِكُمْ } لأنّ ثوابه لها { وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا } فانّ وبالها عليها.
في الجوامع عن عليّ عليه السلام ما أحسنت إلى أحد ولا أسأت إليه وتلا الآية قيل وإنّما ذكر باللام ازدواجاً.
وفي العيون عن الرّضا عليه السلام وان أسأتم فلها ربّ يغفر { فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ الآخِرَةِ } وعقد عقوبة المرّة الآخرة { لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ } بعثناهم ليسوؤا وجوهكم ليجعلوها باديةً آثار المساءة فيها فحذف لدلالة ذكره أولاً عليه وقرىء ليسوء على التوحيد أي الوعد أو البعث وبالنّون { وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا } وليهلِكوا { مَا عَلَوْا } ما غلبوه واستولوا عليه أو مدّة علوّهم { تَتْبِيراً }.
{ (8) عَسَى رَبُّكُمْ أن يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدتُمْ } نوبة أخرى { عُدْنَا } مرّة ثالثة إلى عقوبتكم { وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً } محبساً لا يقدرون الخروج منها أبداً والعامّة فسّروا الافسادتين بقتل زكريّا ويحيى والعلّو الكبير باستكبارهم عن طاعة الله وظلمهم الناس والعباد أولي بأس بخت نصر وجنوده وردّ الكرة عليهم بردّبَهْمَنْ بن اسفنديار اسراءهم إلى الشام وتمليكه دانيال عليهم ووعده الآخرة بتسليط الله الفرس عليهم مرّة أخرى.
وفي الكافي والعياشي عن الصادق عليه السلام أنّه فسّر الإفسادتين بقتل عليّ ابن أبي طالب عليه السلام وطعن الحَسَن عليه السلام والعلّو الكبير بقتل الحسين عليه السلام والعباد أولي بأس بقوم يبعثهم الله قبل خروج القائم فلا يدعون وتراً لآل محمد صلوات الله عليهم إلاّ قتلوه ووعد الله بخروج القائم عليه السلام وردّ الكرّة عليهم بخروج الحسين عليه السلام في سبعين من أصحابه عليهم البيض المذهب حين كان الحجة القائم بين أظهرهم.
وزاد العياشي ثم يملكهم الحسين عليه السلام حتى يقع حاجباه إلى عينيه.
والعياشي عنه عَليه السلام أوّل من يكرّ إلى الدنيا الحسين بن عليّ ويزيد بن معاوية واصحابه فيقتلهم حذو القذة بالقذّة ثم تلا هذه الآية ثم رددنا.
وفي رواية أخرى للعياشي عن الباقر عليه السلام أنّ العباد أولي بأس هم القائم وأصحابه عليهم السلام والقميّ وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب أي أعلمناهم ثمّ انقطعت مخاطبة بني إسرائيل وخاطب الله أمّة محمد صلىَّ الله عليه وآله وسلم فقال لتفسدنّ في الأرض مرّتين يعني فلاناً وفلاناً وأصحابهما ونقضهم العهد ولتعلنّ علوّاً كبيراً يعني ما ادعوه من الخلافة فاذا جاء وعد أولاهما يعني يوم الجمل بعثنا عليكم عباداً لنا أولي بأس شديد يعني أمير المؤمنين عليه السلام وأصحابه فجاسوا خلال الدّيار أي طلبوكم وقتلوكم وكان وعداً مفعولاً يعني يتمّ ويكون ثمّ رددنا لكم الكرّة عليهم يعني لبني أميّة على آل محمد وأمددناكم بأموال وبَنين وجعلناكم أكثر نفيراً من الحَسَن والحُسين عليهما السلام ابني عليّ وأصحابهما وسبوا نساء آل محمد صلوات الله عليهم فاذا جاء وعد الآخِرة يعني القائم وأصحابه ليسُوؤا وجوهكم يعني يسودّ وجوههم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أوّل مرّة يعني رسول الله صلىَّ الله عليه وآله وسلم وأصحابه وأمير المؤمنين عليه السلام ليتبروا ما علوا تتبيراً أي يعلو عليكم فيقتلوكم ثمّ عطف على آل محمد فقال عسى ربّكم أن يرحَمَكم أي ينصركم على عدّوكم ثم خاطب بني أميّة فقال وان عدتم عدنا يعني إن عدتم بالسفياني عدنا بالقائم من آل محمد صلوات الله عليهم وجعلنا جهنّم للكافرين حصيراً حبساً يحصرون فيها.