التفاسير

< >
عرض

وَرَبُّكَ ٱلْغَفُورُ ذُو ٱلرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُم بِمَا كَسَبُواْ لَعَجَّلَ لَهُمُ ٱلْعَذَابَ بَل لَّهُم مَّوْعِدٌ لَّن يَجِدُواْ مِن دُونِهِ مَوْئِلاً
٥٨
وَتِلْكَ ٱلْقُرَىٰ أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُواْ وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِداً
٥٩
وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِفَتَٰهُ لاۤ أَبْرَحُ حَتَّىٰ أَبْلُغَ مَجْمَعَ ٱلْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً
٦٠
فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَٱتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي ٱلْبَحْرِ سَرَباً
٦١
-الكهف

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (58) وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُم بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ } فلا يؤاخذهم عاجلاً مع استحقاقهم العذاب { بَل لَهُم مَوْعِدٌ } يعني يوم القيامة.
وقيل يوم بَدر { لَن يَجِدُوا مِن دُونِهِ مَوْئِلاً } ملجأ ومنجى.
{ (59) وَتِلْكَ الْقُرَى } قرى عاد وثمود واضرابهم { أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا } مثل ظلم قريش بالتكذيب والمراء وانواع المعاصي { وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم } لإِهلاكهم وقرىء بكسر اللاّم وبفتح الميم والّلام اي لهلاكهم { مَّوْعِداً } وقتاً معلوماً { لا يستأخرون } عنه ساعة { ولا يستقدمون } فليعتبروا بهم ولا يغتّروا بتأخّر العذاب عنهم.
القمّي اي يوم القيامة يدخلون النّار.
{ (60) وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ }
في الإِكمال والعيّاشي والقمّي عن الباقر عليه السلام وهو يوشع بن نون قيل هو يوشع بن نون بن أفرئيم بن يوسف فانّه كان يخدمه ويتبعه ولذلك سمّاه فتاه { لاَ أَبْرَحُ } لا ازال اسير { حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ } ملتقى بحري فارس والرّوم وهو المكان الّذي وُعِد فيه موسى لقاء الخضر { أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً } او أسير زماناً طويلاً.
القمّي عن الباقر عليه السلام الحقب ثمانون سنة.
والقمّي لما اخبر رسول الله صلّى الله عليه وآله قريشاً بخبر اصحاب الكهف قالوا اخبرنا عن العلم الّذي امر الله موسى ان يتّبعه وما قصّته فأنزل الله تعالى عزّ وجلّ واذ قال موسى لفتاه قال وكان سبب ذلك انّه لما كلّم الله موسى تكليماً فأنزل عليه الألواح وفيها كما قال الله تعالى وكتبنا له في الألواح من كلّ شيء موعظة وتفصيلاً لكل شيء رجع موسى الى بني اسرائيل فصعد المنبر فأخبرهم انّ الله قد انزل عليه التوراة وكلّمة قال في نفسه ما خلق الله خلقاً اعلم منّي فاَوحى الله الى جبرئيل ادرك موسى فقد هلك واعلمه انّ عند ملتقى البحرين عند الصّخرة رجلاً اعلم منك فسر اليه وتعلّم من علمه فنزل جبرئيل على موسى واخبره وذلّ موسى في نفسه وعلم انّه اخطأ ودخله الرّعب وقال لوصيّه يوشع انّ الله قد امرني ان اتّبع رجلاً عند ملتقى البحرين واتعلّم منه فتزوّد يوشع حوتاً مملوحاً وخرجا.
وفي العلل والعيّاشي عن الصادق عليه السلام ما يقرب من صَدر هذا الحديث.
والعيّاشي عنه عليه السلام قال بينما موسى قاعد في ملإ من بني اسرائيل اذ قال له رجل ما ارى احداً اعلم بالله منك قال موسى ما اَرى فأوحى الله إِليه بل عبدي الخضر فسأل السّبيل اليه فكان له آية الحوت ان افتقده وكان من شأنه ما قصّ الله.
{ (61) فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا } تركاه لذهولهما عنه او ذهابه عنهما { فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ } يعني الحوت { فِي البَحْرِ سَرَباً } مسلكاً.
القمّي فلمّا خرجا وبلغا ذلك المكان وجدا رجلاً مستلقياً على قفاه فلم يعرفاه فأخرج وصيّ موسى الحوت وغسله بالماء ووضعه على الصّخرة ومضيا ونسيا الحوت وكان ذلك الماء ماء الحيوان فحيى الحوت ودخل في الماء فمضى موسى (ع) ويوشع معه حتّى عييا.
والعيّاشي ذكر قصّة الحوت بنحوين آخرين فتارة عنه عليه السلام انّه شواه ثم حمله في مكتل ثم انطلقا يمشيان فانتهيا الى شيخ مستلقى معه عصاه موضوعة الى جانبة وعليه كساء اذا قنع رأسه خرجت رجلاه واذا غطّى رجليه خرج رأسه قال فقام موسى عليه السلام يصلّي وقال ليوشع احفظ عليّ قال فقطرت قطرة من السّماء في المكتل فاضطرب الحوت ثم جعل يثب من المكتل الى البحر وهو قوله واتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي البَحْرِ سَرَباً قال ثم انّه جاء طير فوقع على ساحل البحر (شاطىء خ ل) ثم ادخل منقاره فقال يا موسى ما اخذت من علم ربّك ما حمل ظهر منقاري من جميع البحر الحديث.
وتارة عنهما عليهما السلام لما كان من امر موسى عليه السلام ما كان اُعْطِيَ مكتل في حوت مملّح قيل له هذا يدلّك على صاحبك عند مجمع البحرين صخرة عندها عين لا يصيب منها شيء ميّتاً الاّ حيّ يقال له عين الحياة فانطلقا حتّى بلغا الصّخرة فانطلق الفتى يغسل الحوت في العين فاضطرب في يده حتّى خدشه وتفلّت منه ونسيه الفتى.
في الاكمال عن امير المؤمنين عليه السلام انّه قال لبعض اليهود وقد سأله عن مسائل وامّا قولك اوّل عين نبعت على وجه الارض فانّ اليهود يزعمون انّها العين الّتي ببيت المقدّس تحت الحجر وكذبوا وهي عين الحيوان الّتي انتهى موسى وفتاه فغسل فيها السّمكة المالحة فحييت وليس من ميّت يصيبه ذلك الماء الاّ حيّ وكان الخضر في مقدّمة ذي القرنين يطلب عين الحياة فوجدها وشرب منها ولم يجدها ذو القرنين.