التفاسير

< >
عرض

وَلاَ تَجْعَلُواْ ٱللَّهَ عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّواْ وَتَتَّقُواْ وَتُصْلِحُواْ بَيْنَ ٱلنَّاسِ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
٢٢٤
لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ ٱللَّهُ بِٱلَّلغْوِ فِيۤ أَيْمَانِكُمْ وَلَـٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ
٢٢٥
لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَآءُو فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
٢٢٦
-البقرة

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (224) وَلاَ تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لأيْمَانِكُمْ } العرضة تطلق لما يعترض دون الشيء فيحجز عنه وللمعرض للأمر والمعنى على الأول لا تجعلوا الله حاجزاً لما خلفتم عليه من أنواع الخير فيكون المراد بالإيمان الأمور المحلوف عليها، وعليه ورد قول الصادق في تفسيرها إذا دعيت لصلح بين اثنين فلا تقل علي يمين أن لا أفعل وعلى الثاني لا تجعلوا الله معرضاً لايمانكم فتبتذلوه بكثرة الحلف وعليه ورد قوله عليه السلام لا تحلفوا بالله صادقين ولا كاذبين فان الله يقول ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم.
وفي رواية: من حلف بالله كاذباً كفر ومن حلف بالله صادقاً اثم ان الله يقول وتلا الآية والثلاثة مروية في الكافي وذكر العياشي الأولين في رواية واحدة، وعنه عليه السلام يعني الرجل أن لا يتكلم أخاه ولا يكلم أمّه وما يشبه ذلك.
{ أَن تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النّاسِ } بيان للايمان أي الأمور المحلوف عليها على المعنى الأول وعلّة للنهي على المعنى الثاني أي أنهيكم عنه إرادة برّكم وتقواكم وإصلاحكم بين الناس فان الحلاّف مجترئ على الله والمجتري على الله تعالى لا يكون برّاً متّقياً ولا موثوقاً به في اصلاح ذات البين ولذلك ذمّ الله تعالى الحلاّف فقال ولا تطع كل حلاف مهين { وَاللهُ سَمِيعٌ } لإيمانكم { عَلِيمٌ } بنيّاتكم.
{ (225) لا يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ } بالعقوبة والكفارة { بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ } الساقط الذي لا عقد معه بل يجري على عادة اللسان كقول العرب لا والله وبلى والله لمجرّد التأكيد وكذا في المجمع عنهما عليهما السلام { وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ } بما واطأت فيها قلوبكم ألسنتكم وعزمتموه كقوله سبحانه بما عقدتم الإيمان فان كسب القلب هو العقد والنيّة والقصد { وَاللهُ غَفُورٌ } حيث لا يؤاخذكم بلغو الإيمان { حَلِيمٌ } حيث لا يجعل بالمؤاخذة على يمين الجد تربصاً للتوبة.
{ (226( لِلّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِسَائِهِمْ } يحلفون على أن لا يجامعوهن مضارّة لهن والايلاء الحلف وتعديته بعلى ولكن لما ضمن هذا القسم معنى البعد عدّي بمن { تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ } بانتظارها والتوقف فيها فلا يطالبوا بشيء { فَإِن فَاؤا } أي رجعوا إليهن بالحث وكفّارة اليمين وجامعوا مع القدرة ووعدوها مع العجز { فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } لا يتبعهم بعقوبة.