التفاسير

< >
عرض

ٱلشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ ٱلْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِٱلْفَحْشَآءِ وَٱللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَٱللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ
٢٦٨
يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَآءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ
٢٦٩
وَمَآ أَنفَقْتُمْ مِّن نَّفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِّن نَّذْرٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ
٢٧٠
إِن تُبْدُواْ ٱلصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا ٱلْفُقَرَآءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ
٢٧١
-البقرة

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (268) الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ } في الانفاق في وجوه البر وفي انفاق الجيّد من المال والوعد يستعمل في الخير والشر { وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشاءِ } ويغريكم على البخل ومنع الزكاة اغراء الأمر للمأمور والعرب تسمي البخيل فاحشاً { وَاللهُ يَعِدُكُمْ } في الانفاق { مَغْفِرَةً مِنْهُ } لذنوبكم وكفّارة لها { وَفَضْلاً } وخلَفاً أفضل مما أنفقتم في الدنيا أو في الآخرة أو كلتيهما { وَاللهُ وَاسِعٌ } واسع الفضل لمن انفق { عَلِيمٌ } بانفاقه.
{ (269) يُؤْتِي الْحِكْمَةَ } تحقيق العلم واتقان العمل { مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثيراً وَمَا يَذَّكَرُ إلاَّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ } ذووا العقول الخالصة عن شوائب الوهم والهوى.
في الكافي والعياشي عن الصادق عليه السلام في هذه الآية قال طاعة الله ومعرفة الامام.
وعنه عليه السلام معرفة الإمام واجتناب الكبائر التي أوجب الله عليها النار.
والعياشي عنه عليه السلام الحكمة المعرفة والفقه في الدين فمن فقّه منكم فهو حكيم وما أحد يموت من المؤمنين أحبّ إلى إبليس من فقيه.
والقمّي قال الخير الكثير معرفة أمير المؤمنين والأئمة.
وفي مصباح الشريعة عنه عليه السلام الحكمة ضياء المعرفة وميراث التقوى وثمرة الصدق ولو قلت ما أنعم الله على عباده بنعمة أنعم وأعظم وأرفع وأجزل وأبهى من الحكمة لقلت قال الله عز وجل { يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أُوتِيَ خيراً كثيراً وما يذكّر إلا أولوا الألباب } أي لا يعلم ما أودعت وهيّأت في الحكمة الا من استخلصته لنفسي وخصصته بها والحكمة هي الكتاب وصفة الحكيم هي الثبات عند أوائل الأمور والوقوف عند عواقبها وهو هادي خلق الله إلى الله.
وفي المجمع عن النبي صلّى الله عليه وآله
"ان الله تعالى آتاني القرآن وآتاني من الحكمة مثل القرآن وما من بيت ليس فيه شيء من الحكمة الا كان خراباً ألا فتفقهوا وتعلموا ولا تموتوا جهلاء" ، وفي الخصال عنه عليه السلام "رأس الحكمة مخافة الله" .
وفيه وفي الكافي عنه عليه السلام "انه كان ذات يوم في بعض أسفاره إذ لقيه ركب فقالوا السلام عليك يا رسول الله فالتفت إليهم وقال ما أنتم فقالوا مؤمنون قال فما حقيقة إيمانكم قالوا الرضا بقضاء الله والتسليم لأمر الله والتفويض غلى الله فقال رسول الله علماء حكماء كادوا أن يكونوا من الحكمة أنبياء فان كنتم صادقين فلا تبنوا مالا تسكنون ولا تجمعوا مالا تأكلون واتّقوا الله الذي إليه ترجعون" .
{ (270) وَمَا أَنفَقْتُم مِن نَفَقَةٍ } قليلة أو كثيرة سرّاً وعلانية في حق أو باطل { أَوْ نَذَرْتُم مِن نَذْرٍ } في طاعة أو معصية { فَإِنَّ اللهَ يَعْلَمُهُ } فيجازيكم عليه { وَمَا لِلظَّالِمينَ } الذين ينفقون في المعاصي وينذرون فيها أو يمنعون الصدقات ولا يوفون بالنذر { مِنْ أَنصَارٍ } من ينصرهم من الله ويمنع عنهم العقاب.
{ (271) إِن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَا هِيَ } فنعم شيئاً ابداؤها { وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا } تعطوها مع الاخفاء { الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ } في الكافي عن الصادق عليه السلام في قوله تعالى وان تخفوها قال هي سوى الزكاة ان الزكاة علانية غير سرّ.
وعنه عليه السلام قال كل ما فرض الله عليك فاعلانه أفضل من إسراره وما كان تطوعاً فإسراره أفضل من إعلانه ولو أن رجلاً حمل زكاة ماله على عاتقه فقسّمها علانية كان ذلك حسناً جميلاً.
وعن الباقر عليه السلام في قوله عز وجل إن تبدوا الصدقات فنعما هي قال هي يعني الزكاة المفروضة قال قلت وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء قال يعني النافلة انهم كانوا يستحبّون إظهار الفرائض وكتمان النوافل.
{ وَيُكَفِّرُ } اي الله يكفر أو الاخفاء وقرئ بالنون مرفوعاً أو مجزوماً { عَنكُم مِن سَيِّئَاتِكُمْ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } ترغيب في الأسرار ومجانبة الرياء.