التفاسير

< >
عرض

وَإِذِ ٱسْتَسْقَىٰ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا ٱضْرِب بِّعَصَاكَ ٱلْحَجَرَ فَٱنفَجَرَتْ مِنْهُ ٱثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ كُلُواْ وَٱشْرَبُواْ مِن رِّزْقِ ٱللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي ٱلأَرْضِ مُفْسِدِينَ
٦٠
وَإِذْ قُلْتُمْ يَٰمُوسَىٰ لَن نَّصْبِرَ عَلَىٰ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ ٱلأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ ٱلَّذِي هُوَ أَدْنَىٰ بِٱلَّذِي هُوَ خَيْرٌ ٱهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ مَّا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ ٱلذِّلَّةُ وَٱلْمَسْكَنَةُ وَبَآءُو بِغَضَبٍ مِّنَ ٱللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَيَقْتُلُونَ ٱلنَّبِيِّينَ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ ذٰلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ
٦١
-البقرة

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (60) وَإذِ اسْتَسْقَى } واذكروا إذ استسقى { مُوسَى لِقَوْمِهِ } طلب لهم السقيا لما عطشوا في التيه ضجّوا إليه بالبكاء { فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنَاً } فضربه بها داعياً بمحمد وآله الطيبين فانفجرت.
وفي المجمع والعياشي عن الباقر عليه السلام نزلت ثلاثة أحجار من الجنة حجر مقام إبراهيم وحجر بني إسرائيل والحجر الأسود.
وفي الكافي والإِكمال عنه عليه السلام إذا خرج القائم عليه السلام من مكة ينادي مناديه الا لا يحملن أحد طعاماً ولا شراباً وحمل معه حجر موسى بن عمران وهو وقر بعير ولا ينزل منزلاً الا انفجرت منه عيون فمن كان جائعاً شبع ومن كان ظمآناً روي ورويت دوابتهم حتى ينزلوا النّجف من ظهر الكوفة. { قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ } كل قبيلة: من بني اب من أولاد يعقوب { مَشْرَبَهُمْ } ولا يزاحم الآخرين في مشربهم { كُلُوا وَاشْرَبُوا } قال الله تعالى: كلوا واشربوا { مِنْ رِزْقِ اللهِ } الذي أتاكموه قيل أي من المنّ والسلوى والماء { وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ } ولا تعثوا فيها وأنتم مفسدون عاصون قيل هو من العثوّ بمعنى الاعتداء ويقرب منه العيث غير أنه يغلب على ما يدرك بالحس.
{ (61) } وَإِذْ قُلْتُمْ واذكروا إذ قال أسلافكم { يَا مُوسى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحدٍ } أي المنّ والسلوى ولا بدّ لنا من خلط معه { فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمّا تُنْبَتُ الأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثّائِهَا وَفُومِهَا } في المجمع عن الباقر عليه السلام والقمّي الثوم الحنطة وقيل هو الثوم.
{ وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى } أتستدعون الأدون { بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ } ليكون لكم بدلاً من الأفضل { اهْبِطُوا } من هذه التيه { مِصْراً } من الأمصار { فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ والْمَسْكَنَةُ } الجزية والفقر { وَبَاؤُوا بِغَضَبٍ } احتملوا الغضب واللعنة { مِنَ الله }.
أقول: يعني ورجعوا وعليهم الغضب كما يأتي في مثله في مثل هذه السورة فالمذكور هنا محصّل المعنى { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ } بلا جرم منهم إليهم ولا إلى غيرهم، وقرئ النبيئين بالهمزة حيث وقع وفي سائر تصاريفها اجمع { ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ } يتجاوزون امر الله إلى أمر إبليس، قيل جرّهم العصيان والاعتداء فيه إلى الكفر بالآيات وقتل النبيين فان صغار الذنوب تؤدي إلى كبارها كما ان صغار الطاعات تؤدي إلى كبارها.
وفي تفسير الامام عليه السلام عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلم يا عباد الله فاحذروا الإِنهماك في المعاصي والتهاون بها فان المعاصي يستولي بها الخذلان على صاحبها حتى توقعه فيما هو أعظم منها فلا يزال يعصي ويتهاون ويخذل ويوقع فيما هو أعظم مما جنى حتى توقعه في رد ولاية وصي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم دفع نبوة نبي الله ولا يزال أيضاً بذلك حتى توقعه في دفع توحيد الله والالحاد في دين الله قيل المراد بآيات الله المعجزات والكتب المنزلة وما فيها من نعت نبينا صلّى الله عليه وآله وسلم وبقتل النبيين قتل شعيب وزكريا ويحيى وغيرهم.
وفي الكافي والعياشي عن الصادق عليه السلام أنه تلا هذه الآية فقال والله ما ضربوهم بأيديهم ولا قتلوهم بأسيافهم ولكن سمعوا احاديثهم فاذاعوها فأخذوا عليها فقتلوا فصار قتلاً باعتداء ومعصية.