التفاسير

< >
عرض

قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يٰسَامِرِيُّ
٩٥
قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُواْ بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ ٱلرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذٰلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي
٩٦
قَالَ فَٱذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي ٱلْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لاَ مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَّن تُخْلَفَهُ وَٱنظُرْ إِلَىٰ إِلَـٰهِكَ ٱلَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي ٱلْيَمِّ نَسْفاً
٩٧
إِنَّمَآ إِلَـٰهُكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِي لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً
٩٨
كَذٰلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَآءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِن لَّدُنَّا ذِكْراً
٩٩
مَّنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وِزْراً
١٠٠
خَالِدِينَ فِيهِ وَسَآءَ لَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ حِمْلاً
١٠١
يَوْمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ وَنَحْشُرُ ٱلْمُجْرِمِينَ يَوْمِئِذٍ زُرْقاً
١٠٢
يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ عَشْراً
١٠٣
نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ يَوْماً
١٠٤
-طه

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (95) قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يا سَامِرِيُّ } ثمّ اقبل عليه وقال له منكراً ما طلبك له وما الّذي حملك عليه
{ (96) قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ } علمت ما لم يعلموا اوفطنت ما لم يفطنوا له وهو انّ الرّسول الّذي جاءك روحاني لا يمسّ اثره شيئاً الاّ احياه وقرء لم تبصروا على الخطاب { فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ } القمّي يعني من تحت حافر رَمَكه جبرئيل في البحر { فَنَبَذْتُهَا } يعني امسكتها فنبذتها في جوف العجل وقد مضت هذه القصّة في سورة البقرة ثم في سورة الاعراف { وَكَذلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي } اي زيّنت القمّي فاخرج موسى العجل فأحرقه بالنّار والقاه في البحر.
{ (97) قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ } عقوبة على ما فعلت { أَن تَقُولَ لاَ مِسَاسَ } خوفاً ان يمسّك احد فيأخذك الحمى ومن مسّك فتحامى النّاس ويحاموك وتكون طريداً وحيداً كالوحشي النافر القمّي يعني ما دمت حيّاً وعقبك هذه العلامة فيكم قائمة ان تقولا لا مساس حتىّ يعرفوا انّكم سامريّة فلا يغتّر بكم النّاس فهم الى الساعة بمصر والشام معروفين لا مساس قال ثم همّ موسى بقتل السّامري فأوحى الله اليه لا تَقتله يا موسى فانّه سخّى.
وفي المجمع عن الصادق عليه السلام انّ موسى همّ الحديث. { وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً } في الآخرة { لَن تُخْلَفَهُ } لن يخلفكه الله وينجزه لك في الآخرة بعد ما عاقبك في الدنيا وقرء بكسر اللاّم اي لن تخلف الواعد ايّاه وستاتيه لا محالة { وَانظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً } ظللت على عبادته مقيماً فحذف اللاّم الأولى تخفيفاً { لَنُحَرِقَنَّهُ } اي بالنّار وفي الجوامع وقرء { لنَحْرِقَنَّه } وهو قراءة عليّ ومعناه لنبردّنه بالمبرد قال ويجوز ان يكون لنحرقنّه مبالغة في حرق اذا برد قال وهذه القراءة تدلّ على انّه كان ذهباً وفضّة ولم يصر حيواناً.
أَقولُ: قد سبق انّه برد العجل ثمّ احرقه بالنّار فذرّه في اليمّ وفي رواية ذريت سحالته في الماء { ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ } لنذرينّه رماداً او مبروداً { فِي اليَمِّ نَسْفاً } فلا يصادف منه شيء والمقصود زيادة العقوبة واظهار غباوة المفتنين به.
{ (98) إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللهُ } المستحقّ لعبادتكم { الَّذِي لاَ إِلهَ إِلاّ هُوَ } الّذي لا احد يماثله اويدانه في كمال العلم والقدرة { وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً } وسع علمه كلّ ما يصحّ ان يعلم لا العجل الذي يصاغ ويحرق وان كان حيّاً في نفسه كان مثلاً في الغباوة.
{ (99) كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ } من اخبار الامور الماضية والامم الدارجة تبصرة لك وزيادة في علمك وتكثيراً لمعجزاتك وتنبيهاً وتذكيراً للمستبصرين من امّتك { وَقَدْ ءَاتَيْنَاكَ مِن لَدُنَّا ذِكْراً } كتاباً مشتملاً على هذه الأقاصيص والاخبار حقيقاً بالتفكّر والاعتبار.
{ (100) مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْراً } عقوبة ثقيلة فادحة على كفره وذنوبه.
{ (101) خَالِدِينَ فِيهِ } في الوزر { وَسَاءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلاً }
{ (102) يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ } وقرء نفخ بالنّون { وَنَحْشُرُ المُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ } وقرء يحشر المجرمون { زُرْقاً } قيل يعني زرق العيون لأنّ الزّرقة اسوء الوان العين وابغضها عند العرب وقيل اي عمياء فانّ حدقة الاعمى تزراق وقيل عطاشا يظهر في اعينهم كالزّرقة.
والقمّي تكون اعينهم مزرقة لا يقدرون ان يطرفوها.
{ (103) يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ } يحفظون اصواتهم لما يملأ صدورهم من الرّعب والهول { إِن لَبِثْتُمْ إِلاّ عَشْراً } يستقصرون مدّة لبثهم في الدنيا او في القبر لزوالها { (104) نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُوَلُونَ } وهو مدّة لبثهم { إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً } اعدلهم.
القمّي اعلمهم واصلحهم { إِن لَبِثْتُمْ إِلاّ يَوْماً }