التفاسير

< >
عرض

كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلاَ تَطْغَوْاْ فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَىٰ
٨١
وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحَاً ثُمَّ ٱهْتَدَىٰ
٨٢
وَمَآ أَعْجَلَكَ عَن قَومِكَ يٰمُوسَىٰ
٨٣
-طه

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (81) كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ } لذائذه { وَلاَ تَطْغَوْا فِيهِ } بالإِخلال بشكره والتعدي لما حدّ الله لكم في كالسرف والبطر والمنع عن المستحق { فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي } فيلزمكم عذابي ويجب لكم { وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ } تَرَدّى وهلك وقرء يحلّ ويحلل بالضمّ
في التّوحيد عن الباقر عليه السلام انّه سئل عن هذه الآية مَا ذلك الغضب فقال هو العقاب ثم قال انّه من زعم ان الله عزّ وجلّ زال من شيء الى شيء فقد وصفه صفة مخلوق انّ الله عزّ وجلّ لا يستفزّه شيء ولا يغيّره.
وفي الاحتجاج عنه عليه السلام ما يقرب منه.
{ (82) وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَن تَابَ } عن الشرك { وَآمَنَ } بمَا يجب الإِيمَان به { وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى } الى ولاية اهل البيت عليهم السلام.
القمّي عن الباقر عليه السلام في هذه الآية قال الا ترى كيف اشترط ولم تنفعه التوبة والايمان العمل الصالح حتّى اهتدى والله لو جهد ان يعمل ما قبل منه حتّى يهتدي قيل الى من جعلني فداك قال الينا.
وفي المجالس
"عن النبي صلّى الله عليه وآله انّه قال لعليّ عليه السلام في حديث ولقد ضلّ من ضلّ عنك ولن يهتدي الى الله من لم يهتد اليك والى ولايتك وهو قول ربّي عزّ وجلّ { وإِنِّي لَغَفَّارٌ } الآية يعني الى ولايتك " .
وفي المجمع والعيّاشي عن الباقر عليه السلام قال ثمّ اهتدى الى ولايتنا اهل البيت فوالله لو انّ رجلاً عبد الله عمره ما بين الركن والمقام ثمّ مات ولم يجيء بولايتنا لأكبّه الله في النار على وجهه.
وفي المناقب عن السجّاد عليه السلام في هذه الآية ثم اهتدى ال الينا اهل البيت.
وفي المحاسن عن الصادق عليه السلام ثم اهتدى قال الى ولايتنا.
وفي الكافي عن الباقر عليه السلام قال وهو مستقبل البيت انّما امر النّاس ان يأتوا هذه الاحجار فيطوفوا بها ثم يأتونا فيعلمونا ولايتهم لنا وهو قول الله تعالى { وَإِنّي لَغَفّارٌ لِمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالَحاً ثُمّ اهتدى } ثمّ أومى بيده الى صدره الى ولايتنا.
والعيّاشي عن الصادق عليه السلام قال لهذه الآية تفسير يدلّ ذلك التفسير على انّ الله لا يقبل من احد عملاً الاّ من لقاه بالوفاء منه بذلك التفسير وما اشترط فيه على المؤمنين.
وفي الكافي عنه عليه السّلام قال انّكم لا تكونون صالحين حتّى تعرفوا ولا تعرفوا حتّى تصدّقوا ولا تصدقوا حتّى تسلموا ابواباً اربعة حتّى لا يصلح اوّلها الاّ بآخرها ضلّ اصحاب الثلاثة وتاهوا تيهاً عظيماً انّ الله تعالى لا يقبل الاّ العمل الصالح ولا يقبل الله الاّ الوفاء بالشروط والعهود فمن وفى الله تعالى بشرطه واستعمل ما وصف في عهده نال مَا عنده واستكمل وعده انّ الله تعالى اخبر العباد بطرق الهدى وشرع لهم فيها المنار واخبرهم كيف يسلكون فقال { إِنّي لَغفّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتدى } وقال
{ { إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلْمُتَّقِينَ } [المائدة: 27] فَمَن اتّقى الله فيما امره لقى الله مؤمناً بما جاء به محمد صلّى الله عليه وآله هيهات هيهات فات قوم وماتوا قبل ان يهتدوا وظنّوا انّهم آمنوا واشركوا من حيث لا يعلمون انّه من اتى البيوت من ابوابها اهتدى ومن اخذ في غيرها سلك طريق الرّدى وصل الله طاعة ولّى امره بطاعة رسوله وطاعة رسوله بطاعته فمن ترك طاعة ولاة الامر لم يطع الله ولا رسوله وهو الاقرار بما نزل من عند الله تعالى.
أقول: اشار بالابواب الاربعة الى التوبة عن الشرك والإِيمان بالوحدانية والعمل الصالح والاهتداء الى الحجج عليهم السلام كما يتبيّن فيما بعد واصحاب الثلاثة اشارة الى من لم يهتد الى الحجج والشروط والعهود كناية عن الامور الاربعة المذكورة اذ هي شروط للمغفرة وعهود وقوله فمن اتّقى الله اي من الشرك في امره.
{ (83) وَمَا أَعْجَلَكَ عَن قَوْمِكَ يَا مُوسَى }.