التفاسير

< >
عرض

وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
٣٨
لَوْ يَعْلَمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ حِينَ لاَ يَكُفُّونَ عَن وُجُوهِهِمُ ٱلنَّارَ وَلاَ عَن ظُهُورِهِمْ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ
٣٩
بَلْ تَأْتِيهِم بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ
٤٠
وَلَقَدِ ٱسْتُهْزِىءَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَحَاقَ بِٱلَّذِينَ سَخِرُواْ مِنْهُمْ مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ
٤١
قُلْ مَن يَكْلَؤُكُم بِٱلْلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ مِنَ ٱلرَّحْمَـٰنِ بَلْ هُمْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُّعْرِضُونَ
٤٢
أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِّن دُونِنَا لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ وَلاَ هُمْ مِّنَّا يُصْحَبُونَ
٤٣
بَلْ مَتَّعْنَا هَـٰؤُلاۤءِ وَآبَآءَهُمْ حَتَّىٰ طَالَ عَلَيْهِمُ ٱلْعُمُرُ أَفَلاَ يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي ٱلأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَآ أَفَهُمُ ٱلْغَالِبُونَ
٤٤
قُلْ إِنَّمَآ أُنذِرُكُم بِٱلْوَحْيِ وَلاَ يَسْمَعُ ٱلصُّمُّ ٱلدُّعَآءَ إِذَا مَا يُنذَرُونَ
٤٥
وَلَئِن مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِّنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يٰويْلَنَآ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ
٤٦
وَنَضَعُ ٱلْمَوَازِينَ ٱلْقِسْطَ لِيَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ فَلاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ
٤٧
-الأنبياء

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (38) وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } يعنون النبيّ واصحابه.
{ (39) لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لاَ يَكُفُّونَ عَن وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلاَ عَن ظُهُورِهِمْ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ } محذوف الجواب يعني لما استعجلوا.
{ (40) بَلْ تَأْتِيهِم بَغْتَةً } فجأة { فَتَبْهَتُهُمْ } فتغلبهم او تحيّرهم { فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا وَلا هُمْ يُنظَرُونَ } يمهلون.
{ (41) وَلَقَدِ اسْتُهْزِءَ بِرُسُلٍ مِن قَبْلِكَ } تسلية لرسُول الله صلّى الله عليه وآله { فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ } وعدله بانّ ما يفعلونه يحيق بهم.
{ (42) قُلْ مَن يَكْلَؤُكُم } يحفظكم { بِاللّيْلِ وَالنَّهارِ مِنَ الرَّحْمَنِ } من بأسه ان اراد بكم وفي لفظ الرَّحمن تنبيه على ان لا كالئ غير رحمته العامة وانّ اندفاعه بها مهلة { بَلْ هُمْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِم مُعْرِضُونَ } لا يخطرونه ببالهم فضلاً عن ان يخافوا بأسه
{ (43) أَمْ لَهُمْ ءَالِهَةٌ تَمْنَعُهُم مِن دُونِنَا } بل الهم الهة تمنعهم من العذاب يتجاوز منعنا او من عذاب يكون من عندنا { لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنفُسِهِمْ وَلا هُم مِنَّا يُصْحَبُونَ } استيناف بابطال ما اعتقدوه فانّ من لا يقدر على نصر نفسه ولا يصحبه نصر من الله كيف ينصر غيره.
{ (44) بَلْ مَتَّعْنَا هَؤُلاَءِ وَآبَاءَهُمْ حَتّى طَالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ } اضراب عمّا توهّموا ببيان الداعي الى حفظهم وهو الاستدراج والتمتيع بما قدّر لهم من الاعمار او اضراب عن الدّلالة على بطلانه ببيان ما اوهمهم ذلك فحسبوا ان لا يزالوا كذلك وانّه بسبب ما هم عليه وهذا اوفق لما بعده { أَفَلاَ يَرَوْنَ أَنّا نَأْتِي الأَرْضَ } قيل أَرض الكفرة { نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا } قيل اي بتسليط المسلمين عليها وهو تصوير لما يجريه الله على ايدي المسلمين { أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ } رسول الله صلّى الله عليه وآله والمؤمنين.
وفي الكافي والمجمع عن الصادق عليه السلام ننقصها يعني بموت العلماء قال نقصانها ذهاب عالمها وقد مرّ بيانه في سورة الرّعد.
{ (45) قُلْ إِنَّمَا أُنذِرُكُم بِالْوَحْيِ } بما اوحي اليّ { وَلاَ يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ إِذا مَا يُنذَرُونَ } وضع الصمّ موضع الضَّمير للدّلالة على تصامّهم وعدم انتفاعهم بما يسمعون وقرء ولا تسمع الصم على خطاب النبي صلّى الله عليه وآله.
{ (46) وَلَئِن مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ } ادنى شيء { مِنْ عَذَابِ رِبِّكَ } من الّذي ينذرون به { لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا إِنّا كُنَّا ظَالِمِينَ } لدعوا على انفسهم بالويل واعترفوا عليها بالظلم.
{ (47) وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ } العدل يوزن بها الاعمال { لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً } من حقّه او من الظلم { وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ } وقرء بالرفع { مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا } احضرناها.
في الجوامع عن الصادق عليه السلام انّه قرء اتينا بالمدّ.
والقمّي اي جازينا بها وهي ممدودة { وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ } اذ لا مَزيد على علمنا وعَدلنا.
في الكافي والمعاني عن الصادق عليه السلام انّه سئل عن هذه الآية فقال هم الأنبياء والاوصياء وفي رواية اخرى نحن الموازين القسط.
وفي التوحيد عن امير المؤمنين عليه السلام في جواب من اشتبه عليه بعض الآيات وامّا قوله { وَنَضَعُ الموازينَ القِسْط } فهو ميزان العدل يؤخذ به الخلايق يوم القيامة يدين الله تبارك وتعالى الخلق بعضهم من بعض بالموازين.
أقول: قد سبق منّا معنى كون الأنبياء والأوصياء موازين وتحقيق معنى الميزان في تفسير والوزن يومئذ الحقّ من سورة الأعراف.
وفي الكافي عن السجّاد عليه السلام في كلامه في الوعظ والزّهد قال ثم رجع القول من الله في الكتاب على اهل المعاصي والذّنوب فقال عزّ وجلّ { وَلَئِن مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِن عَذابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنا إِنّا كُنّا ظالِمينَ } فان قلتم ايّها الناس انّ الله عز وجلّ انما عني بهذا اهل الشرك فكيف ذلك وهو يقول ونضع الموازين القسط ليوم القيامة الآية اعلموا عباد الله انّ اهل الشرك لا ينصب لهم الموازين ولا ينشر لهم الدواوين وإنّما يحشرون الى جهنّم زمراً وانّما نصب الموازين ونشر الدواوين لأهل الإِسلام فاتّقوا الله عباد الله.