التفاسير

< >
عرض

لِّيَشْهَدُواْ مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ فِيۤ أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُمْ مِّن بَهِيمَةِ ٱلأَنْعَامِ فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ ٱلْبَآئِسَ ٱلْفَقِيرَ
٢٨
ثُمَّ لْيَقْضُواْ تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُواْ نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُواْ بِٱلْبَيْتِ ٱلْعَتِيقِ
٢٩
-الحج

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (28) لِيَشْهَدُوا } ليحضروا { مَنافِعَ لَهُمْ } دينيّة ودنيويّة.
في الكافي عن الصادق عليه السلام انّه قيل له لو ارحت بدنك من المحمل فقال عليه السلام انّي احبُّ ان اشهد المنافع الّتي قال الله عزّ وجلّ ليشهدوا منافع لهم انّه لا يشهدها احد الاّ نفعه الله امّا انتم فترجعون مغفوراً لكم وامّا غيركم فيحفظون في اهاليهم واموالهم.
وعنه عليه السلام انّه يطاف به حول الكعبة في محمل وهو شديد المرض فكان كلّما بلغ الرّكن اليماني امرهم فوضعوه بالأرض فأخرج يده من كوّة المحمل حتّى يجّرها على الأرض ثم يقول ارفعوني فلمّا فعل ذلك مراراً في كلّ شوط قيل له يابن رسول الله انّ هذا يشقّ عليك فقال انّي سمعت الله عزّ وجلّ يقول ليشهدوا منافع لهم فقيل منافع الدّنيا او منافع الآخرة فقال الكلّ.
وفي المجمع عنه عليه السلام منافع الآخرة هي العفو والمغفرة.
وفي العيون عن الرّضا عليه السلام وعلّة الحجّ الوفادة الى الله تعالى وطلب الزّيادة والخروج من كلّ ما اقترف وليكون تائباً ممّا مضى مستأنفاً لما يستقبل وما فيه من استخراج الاموال وتعب الأبدان وحظرها عن الشهوات واللّذات والتقرّب بالعبادة الى الله عزّ وجلّ والخضوع والاستكانة والذلّ شاخصاً في الحرّ والبرد والامن والخوف دائباً في ذلك دائم وما في ذلك لجميع الخلق من المنافع والرّغبة والرهبة الى الله تعالى ومنه ترك قساوة القلب وجسارة الأنفس ونسيان الذّكر وانقطاع الرجاء والأمل وتجديد الحقوق وخطر الأنفس عن الفساد ومنفعة من في شرق الأرض وغربها ومن في البرّ والبحر ممن يحجّ وممّن لا يحجّ من تاجر وجالب وبايع ومشتر وكاسب ومسكين وقضاء حوائج اهل الأطراف والمواضع الممكن لهم الاجتماع فيها كذلك { لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ }.
وزاد في رواية اخرى مع ما فيه من التفقّه ونقل اخبار الأئمّة (ع) الى كلّ صقع وناحية كما قال الله عزّ وجلّ
{ فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي ٱلدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوۤاْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ } [التوبة: 122] { وَيَذْكُرُوا اسْمَ الله فِي أَيّامٍ مَعْلُوماتٍ عَلى ما رَزَقَهُم مِن بَهِيمَةِ الأَنْعامِ } قيل يعني عند ذبحها وقيل كنّى عن الذّبح بالذكر لعدم انفكاكه عنه.
وفي العوالي عنهما عليهما السلام هو التكبير عقيب خمس عشرة صلاة اوليها ظهر العيد.
وفي المجمع عن الصادق عليه السلام مثله.
وفي المعاني عنه عليه السلام قال قال عليّ عليه السلام في قول الله عزّ وجلّ { وَيَذكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيّامٍ مَعْلُوماتٍ } قال ايّام العشر عنه عليه السلام قال هي ايّام التشريق.
وعنه عليه السلام قال المعلومات والمعدودات واحدة وهنّ ايّام التشريق.
وفي التهذيب عنه عن ابيه وفي رواية عن عليّ عليه السلام انّ الأيّام المعلومات ايّام العشر والمعدودات ايّام التّشريق.
وفي الجوامع عن الباقر عليه السلام انّ الأيّام المعلومات يوم النّحر والثلاثة بعده أيّام التشريق والأيّام المعدودات عشر ذي الحجة { فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ } الذي اصابه بؤس وشدّة.
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام هو الزّمن الّذي لا يستطيع ان يخرج لزمانته.
وعنه عليه السلام البائس الفقير.
{ (29) ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ } ثم ليزيلوا وسخهم بقصّ الأظفار والشّارب وحلق الرّأس ونحوها { وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ } مناسك حجّهم وقرء بكسر الّلام فيهما وبتشديد الفاء.
في الكافي والفقيه عن الصادق عليه السلام التفث هو الحلق وما في جلد الانسان.
وعن الرضا عليه السلام التفث تقليم الأظافر وطرح الوسخ وطرح الاحرام عنه.
وفي الفقيه عن الباقر عليه السلام التفث خفوف الرّجل من الطيب فاذا قضى نسكه حلّ له الطيب.
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام من التفث ان تتكلّم في احرامك بكلام قبيح فاذا دخلت مكّة وطفت بالبيت تكلّمت بكلام طيّب فكان ذلك كفّارة وعن عبد الله بن سنان عن ذريح المحاربي قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام انّ الله امرني في كتابه بأمر فاحبّ ان اعلمه قال وما ذاك قلت قول الله تعالى ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ قال عليه السلام لِيَقْضُوا تَفَثَهُمْ لقاء الإِمام وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ تلك المَناسِك قال عبد الله بن سنان فأتيت ابا عبد الله عليه السلام فقلت جُعلت فداك قول الله تعالى ثُمَّ لِيَقْضُوا تَفَثَهُمْ ولْيُوفُوا نُذُورَهُمْ قال اخذ الشارب وقصّ الأضفار وما اشبه ذلك قال قلت جعلت فداك انّ ذريح المحاربيّ حد‍ّثني عنك بأنّك قلت له لِيَقْضُوا تَفَثَهُمْ لقاء الإِمام وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ تلك المناسك فقال صدق وصدقت انّ للقرآن ظاهراً وباطناً ومن يحتمل ما يحتمل ذريح.
أقولُ: وجه الاشتراك بين التفسير والتأويل هو التطيهر فانّ احدهما تطهير عن الاوساخ الظاهرة والآخر عن الجهل والعمى قال في الفقيه معنى التّفث كلّ ما ورد به الأخبار.
وفي الكافي عن الباقر عليه السلام انّه يقول ويرى الناس بمكة وما يعملون فعال كفعال الجاهلية اما والله ما امروا بهذا وما امروا الاّ ان يقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم فيمرّوا بنا فيخبرونا بولايتهم ويعرضوا علينا نصر لهم { وَلْيَطَوّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ } وقرء بكسر اللاّم.
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام انّه سئل عنه عليه السلام فقال هو طواف النّساء.
وعن الباقر عليه السلام انّه سئل لم سمّى الله البيت العتيق قال هو بيت حرّ عتيق من الناس لم يملكه احد.
وفي المحاسن والعلل والقمّي عن الصادق عليه السلام سمّي البيت العتيق لأنّه اعتق من الغرق.