التفاسير

< >
عرض

وَعَلَيْهَا وَعَلَى ٱلْفُلْكِ تُحْمَلُونَ
٢٢
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَىٰ قَوْمِهِ فَقَالَ يٰقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ
٢٣
فَقَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ مَا هَـٰذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لأَنزَلَ مَلاَئِكَةً مَّا سَمِعْنَا بِهَـٰذَا فِيۤ آبَآئِنَا ٱلأَوَّلِينَ
٢٤
إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُواْ بِهِ حَتَّىٰ حِينٍ
٢٥
قَالَ رَبِّ ٱنصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ
٢٦
فَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِ أَنِ ٱصْنَعِ ٱلْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَآءَ أَمْرُنَا وَفَارَ ٱلتَّنُّورُ فَٱسْلُكْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ ٱلْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ إِنَّهُمْ مُّغْرَقُونَ
٢٧
فَإِذَا ٱسْتَوَيْتَ أَنتَ وَمَن مَّعَكَ عَلَى ٱلْفُلْكِ فَقُلِ ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي نَجَّانَا مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ
٢٨
وَقُل رَّبِّ أَنزِلْنِي مُنزَلاً مُّبَارَكاً وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْمُنزِلِينَ
٢٩
إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ وَإِن كُنَّا لَمُبْتَلِينَ
٣٠
ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ
٣١
فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ أَنِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ
٣٢
وَقَالَ ٱلْمَلأُ مِن قَوْمِهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِلِقَآءِ ٱلآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي ٱلْحَيـاةِ ٱلدُّنْيَا مَا هَـٰذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ
٣٣
وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِّثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَّخَاسِرُونَ
٣٤
أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَاباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ مُّخْرَجُونَ
٣٥
هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ
٣٦
إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا ٱلدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ
٣٧
إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ ٱفتَرَىٰ عَلَىٰ ٱللَّهِ كَذِباً وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ
٣٨
قَالَ رَبِّ ٱنْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ
٣٩
-المؤمنون

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (22) وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ } في البرّ والبحر فانّ الابل سفينة البرّ.
{ (23) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَقَالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ مَا لِكُم مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ } وقرء بالجرّ { أَفَلاَ تَتَّقُونَ } افلا تخافون ان يزيل عنكم نعمه.
{ (24) فَقَالَ الْمَلَؤُا } الأشراف { الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ } لعوامهم { مَا هَذَا إِلاّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَن يَتَفضَّلَ عَلَيْكُمْ } ان يطلب الفضل عليكم ويسودكم { وَلَوْ شَاءَ اللهُ } أن يرسل رسولاً { لأَنزَلَ مَلاَئِكَةً } رسلاً { مَّا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبائِنَا الأَوَّلِينَ } اي بالتّوحيد الَّذي يدعونا اليه.
{ (25) إِنْ هُوَ إِلاّ رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ } جنون ولأجله يقول ذلك { فَتَرَبَّصُوا بِهِ } فاحتملوا وانتظروا { حَتَّى حِينٍ } لعلّه يفيق من جنونه.
{ (26) قَالَ رَبِّ انصُرْنِي } عليهم باهلاكهم { بِمَا كَذَّبُونِ } بسبب تكذيبهم ايّاي.
{ (27) فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْك بِأَعْيُنِنَا } بحفظنا ان تحظى فيه او يفسد عليك مفسدٌ { وَوَحْيِنَا } وامرنا وتعليمنا كيف تصنع { فَإِذا جَاءَ أَمْرُنَا } بنزول العذاب { وَفَارَ التَّنُّورُ } في الجوامع روي انّه قيل لنوح (ع) اذا رأيت الماء يفور من التنّور فاركب انت ومن معك في السّفينة فلمّا نبع الماء من التنّور اخبرته امرأته فركب وقد سبق تمام القصّة في سورة هود (ع) { فَاسْلُكْ فِيهَا } فادخل فيها يقال سلك فيه وسلك غيره { مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ } الذكروالاُنثى وقرء كل بغير التنوين { وَأَهْلَكَ إِلاّ مَن سَبَقَ علَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ } باهلاكه ولكفره { وَلا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا } بالدّعاء بالإِنجاء { إِنَّهُم مُغْرَقُونَ } لا محالة.
{ (28) فَإِذا اسْتَوَيْتَ أَنتَ وَمَن مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } كقوله تعالى
{ { فَقُطِعَ دَابِرُ ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ وَٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } [الأنعام: 45].
{ (29) وَقُل رَبِّ أَنزِلْنِي مُنزَلاً } وقرء بفتح الميم وكسر الزّاى { مُبَارَكَاً وَأَنتَ خَيْرُ الْمُنزِلِينَ }
في الفقيه قال النبيّ صلّى الله عليه وآله لعليّ عليه السلام
"يا عليّ اذا نزلت منزلاً فقل اللّهُمَّ أَنزِلْنِي مُنزَلاً مُبارَكاً وَأَنتَ خَيْرُ الْمُنزلِينَ ترزق خيره ويدفع شرّه" .
{ (30) إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ وَإِن كُنَّا لَمُبْتَلِينَ } وان كنا لممتحنين عبادنا بهذه الآيات وفي نهج البلاغة انّ الله قد اعاذكم من ان يجور عليكم ولم يعذبكم من ان يبتليكم وقد قال جلّ من قائل إِنَّ فِي ذلِكَ لآياتٍ وَإِن كُنَّا لَمُبْتَلِينَ.
{ (31) ثُمَّ أَنشَأْنا مِن بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرينَ } هم عاداً وثمود.
{ (32) فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ } هو هوداً وصالح { أَنِ اعْبُدُوا اللهَ مَا لَكُم مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ }
{ (33) وَقَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الأَخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ } وانعمناهم { فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلاّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ }.
{ (34) وَلَئِنْ أَطَعْتُم بَشَراً مِثْلَكُمْ } فيما يأمركم به { إِنَّكُمْ إِذاً لَخَاسِرُونَ } حيث أذللتم انفسكم.
{ (35) أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَاباً وَعِظَاماً } مجرّدة عن اللّحوم والأعصاب { أَنَّكُم مُخْرَجُونَ } من الأجداث.
{ (36) هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ } بعد { لِمَا تُوعَدُونَ } اللاّم للبيان كما في هيت لك.
{ (37) إِنْ هِيَ إِلاّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا } ان الحياة الاّ حياتنا الدّنيا { نَمُوتُ وَنَحْيَا } يموت بعضنا ويولد بعض { وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ } بعد الموت.
{ (38) إِنْ هُوَ } ما هو { إِلاّ رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِباً } فيما يدّعيه من ارسالنا فيما يعدنا من البعث { وَما نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ } بمصدّقين.
{ (39) قَالَ رَبِّ انصُرْنِي } عليهم وانتقم لي منهم { بِمَا كَذَّبُونِ } بسبب تكذيبهم ايّاي.