التفاسير

< >
عرض

قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَّيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ
٤٠
فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّيْحَةُ بِٱلْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَآءً فَبُعْداً لِّلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ
٤١
ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قُرُوناً آخَرِينَ
٤٢
مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ
٤٣
ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَا كُلَّ مَا جَآءَ أُمَّةً رَّسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضاً وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْداً لِّقَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ
٤٤
ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ
٤٥
إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَٱسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْماً عَالِينَ
٤٦
فَقَالُوۤاْ أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ
٤٧
فَكَذَّبُوهُمَا فَكَانُواْ مِنَ ٱلْمُهْلَكِينَ
٤٨
وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ ٱلْكِتَابَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ
٤٩
وَجَعَلْنَا ٱبْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَآ إِلَىٰ رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ
٥٠
يٰأَيُّهَا ٱلرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ ٱلطَّيِّبَاتِ وَٱعْمَلُواْ صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ
٥١
وَإِنَّ هَـٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَاْ رَبُّكُمْ فَٱتَّقُونِ
٥٢
فَتَقَطَّعُوۤاْ أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ
٥٣
فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّىٰ حِينٍ
٥٤
أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ
٥٥
-المؤمنون

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (40) قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ } على التكذيب اذا رأوا العذاب.
{ (41) فَأَخَذَتْهُمُ الصَيْحَةُ بِالْحَقِّ } صيحة جبرئيل صاح عليهم صيحة هايلة تصدّعت منها قلوبهم فماتوا وفيه دلالة على انّ القرن قوم صالح { فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً }
القمّي عن الباقر الغثاء اليابس الهامد من نبات الأرض قيل شبّههم في دمارهم بغثاء السّيل وهو حميلة كقول العرب سار به الوادي لمن هلك { فَبُعْداً لِلْقَوْمِ الظّالِمِينَ } يحتمل الاخبار والدّعاء
{ (42) ثُمَّ أَنشَأَنَا مِن بَعْدِهِمْ قُرُوناً آخَرِينَ } يعني قوم صالح ولوط وشعيب وغيرهم.
{ (43) مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا } الوقت الذي قدّر لهلاكها { وَما يَسْتَأَخِرُونَ } الأجل.
{ (44) ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَا } متواترين واحداً بعد واحد من الوتر وهو الفرد وقرء بالتنوين { كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُم بَعْضاً } في الهلاك { وَجَعَلْنَاهُمْ أَحادِيثَ } لم يبق منهم الاّ حكايات تمثل بها { فَبُعْداً لِقَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ }
{ (45) ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا } بالآيات التسع { وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ } وحجّة واضحة ملزمة للخصم.
{ (46) إِلى فرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاسْتَكْبَرُوا } عن الإِيمان والمتابعة { وَكَانُوا قَوْماً عَالِينَ } متكبّرين.
{ (47) فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ } يعني انّ بني اسرائيل لنا خادمون منقادون.
{ (48) فَكَذَّبُوهُمَا فَكانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ } بالغرق.
{ (49) وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ } التوراة { لَعَلَّهُمْ } لعل بني اسرائيل { يَهْتَدُونَ } الى المعارف والاحكام.
{ (50) وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً } بولادتها ايّاه من غير مسيس { وَآوَيْنَاهُمَا إِلى رَبْوَةٍ } وقرء بفتح الرّاء وجعلنا مأويهما مكاناً مرتفعاً { ذَاتِ قَرارٍ } منبسطة تصلح للإِستقرار والزرع { وَمَعِينٍ } ماء طاهر جار على وجه الأرض.
في الكافي عن الصادق عليه السلام قال الربوة نجف الكوفة والمعين الفرات.
وفي المجمع عنهما عليهما السلام الربوة حيرة الكوفة وسوادها والقرار مسجد الكوفة والمعين الفرات.
{ (51) يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ }.
في المجمع عن النبي صلّى الله عليه وآله
"انّ الله طيّب لا يقبل الاّ طيّب وانّه امر المؤمنين بما امر به المرسلين فقال يا أَيُّها الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ" وقال { يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ ما رَزَقْناكُمْ } [البقرة: 172].
{ (52) وَإِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً }.
القمّي قال على مذهب واحد وقرء وان بالكسر وبالفتح والتخفيف { وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ } في شقّ العصا ومخالفة الكلمة.
{ (53) فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ } فتخربوا وافترقوا وجعلوا دينهم ادياناً متفرّقة { زُبُراً } قطعاً جمع زبور الّذي بمعنى الفرقة { كُلُّ حِزْبٍ } من المتحزّبين { بِمَا لَدَيْهِمْ } من الدّين { فَرِحُونَ } معجبون معتقدون انّهم على الحق.
القمّي قال كلّ من اختار لنفسه ديناً فهو فرح به.
{ (54) فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ } في جهالتهم شبّهها بالماء الذي يغمر القامة { حَتَّى حِينٍ } الى ان يقتلوا او يموتوا.
{ (55) أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ به } ما نعطيهم ونجعله مدداً لهم { مِن مَّالٍ وَبَنِينَ } وبيان لما.