التفاسير

< >
عرض

وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ ٱللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ
١٠
إِنَّ ٱلَّذِينَ جَآءُوا بِٱلإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنْكُمْ لاَ تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ مَّا ٱكْتَسَبَ مِنَ ٱلإِثْمِ وَٱلَّذِي تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ
١١
-النور

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (10) وَلَوْلاَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ } لفضحكم وعاجلكم بالعقوبة حذف الجواب لتعظيمه.
{ (11) إِنَّ الَّذِينَ جَاءُو بِالإِفْكِ } بأبلغ ما يكون من الكذب { عُصْبَةٌ مِنكُمْ } جماعة منكم { لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُم } استيناف والهاء للإِفك { بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ } لاكتسابكم به الثواب العظيم { لِكُلَّ امْرِىءٍ مِنْهُم مَا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ } بقدر ما خاض فيه { وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ } معظمه { مِنْهُمْ } من الخائضين { لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ }
في الجوامع وكان سبب الافك انّ عايشة ضاع عقدها في غزوة بني المصطلق وكانت قد خرجت لقضاء حاجة فرجعت طالبة له وحمل هودجها على بعيرها ظنّاً منهم انها فيها فلمّا عادت الى الموضع وجدتهم قد رحلوا وكان صفوان من وراء الجيش فلمّا وصل الى ذلك الموضع وعرفها اناخ بعيره حتّى ركبته وهو يسوقه حتّى اتى الجيش وقد نزلوا في قائم الظّهيرة.
قال كذا رواه الزّهري عن عايشة.
والقمّي روت العامة انّها نزلت في عايشة وما رميت به في غزوة بني المُصطلق من خزاعة.
وامّا الخاصّة فانّهم رووا انّها نزلت في مارية القبطية وما رمتها به عايشة.
ثم روي عن الباقر عليه السلام قال لما هلك ابراهيم ابن رسول الله صلّى الله عليه وآله حزن عليه رسول الله صلّى الله عليه وآله حزناً شديداً فقالت له عايشة ما الذي يحزنك عليه فما هو الاّ ابن جريح فبعث رسول الله صلى الله عليه وآله عليّاً عليه السلام وامره بقتله فذهب عليّ عليه السلام اليه ومعه السيف وكان جريح القبطي في حايط فضرب على باب البستان فأقبل اليه جريح ليفتح له الباب فلمّا رأى عليّاً عرف في وجهه الغضب فأدبر راجعاً ولم يفتح باب البستان فوثب عليّ على الحائط ونزل الى البستان واتبعه وولّى جريح مدبراً فلمّا خشي ان يرهقه صعد في نخلة وصعد عليّ في اثره فلمّا دنا منه رمى بنفسه من فوق النخلة فبدت عورته فاذا ليس له ما للرّجال ولا له ما للنساء فانصرف عليّ الى النبيّ صلى الله عليه وآله فقال له يا رسول الله اذا بعثتني في الامر اكون فيه كالمسمار المحمي في الوبر امضي على ذلك ام اثبّت قال لا بل تثبّت قال والّذي بعثك الحق ما له ما للرجال وما له ما للنساء فقال الحمد لله الذي صرف عنّا السوء اهل البيت وهذه الرواية اوردها القمّي بعبارة اخرى في سورة الحجرات عند قوله تعالى
{ إِن جَآءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوۤاْ } [الحجرات: 6] او زاد فأتى به رسول الله صلّى الله عليه وآله فقال له ما شأنك يا جريح فقال يا رسول الله انّ القبط يحّبون حشمهم ومن يدخل الى اهاليهم والقبطيون لا يأنسون الاّ بالقبطّيين فبعثني ابوها لأدخل اليها واخدمها واونسها.
أقولُ: انّ صحّ هذا الخبر فلعلّه انّما بعث عليّاً الى جريح ليظهر الحق ويصرف السوء وكان قد علم انّه لا يقتله ولم يكن يأمر بقتله بمجرّد قول عايشة.
يدلّ على هذا ما رواه القمّي في سورة الحجرات عن الصادق عليه السلام انّه سئل كان رسول الله صلى الله عله وآله امر بقتل القبطّي وقد علم انّها قد كذبت عليه اولم يعلم وانّما دفع الله عن القبطي بتثبت عليّ عليه السلام فقال بلى قد كان والله علم ولو كانت عزيمة من رسول الله صلى الله عليه وآله القتل ما رجع علي عليه حتى يقتله ولكن انّما فعل رسول الله صلّى الله عليه وآله لترجع عن ذنبها فما رجعت ولا اشتد عليها قتل رجل مسلم بكذبها.