التفاسير

< >
عرض

إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذٰلِكَ وَأَصْلَحُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
٥
وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُمْ شُهَدَآءُ إِلاَّ أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِٱللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ ٱلصَّادِقِينَ
٦
وَٱلْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ ٱللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ ٱلْكَاذِبِينَ
٧
وَيَدْرَؤُاْ عَنْهَا ٱلْعَذَابَ أَن تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِٱللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ ٱلْكَاذِبِينَ
٨
وَٱلْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ ٱللَّهِ عَلَيْهَآ إِن كَانَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ
٩
-النور

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (5) إِلاّ الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ }
القمّي عن الصادق عليه السلام القاذف يجلد ثمانين جلدة ولا يقبل له شهادة ابداً الاّ بعد التوبة او يكذّب نفسه وان شهد ثلاثة وابى واحد يجلد الثلاثة ولا تقبل شهادتهم حتى يقول اربعة رأينا مثل الميل في المكحلة ومن شهد على نفسه انّه زنى لم تقبل شهادته حتّى يعيدها اربع مرّات.
وفي الكافي والتهذيب انّه سئل كيف تعرف توبته فقال يكذّب نفسه على رؤوس الخلائق حيث يضرب ويستغفر ربّه فاذا فعل ذلك فقد ظهرت توبته.
وعنه عليه السلام انه سئل عن الرجل يقذف الرجل فيجلد حدّاً ثم يتوب ولا يعلم منه الاّ خيراً تجوز شهادته قال نعم ما يقال عندكم قيل يقولون توبته فيما بينه وبين الله ولا تقبل شهادته ابداً فقال بئس ما قالوا كان ابي يقول اذا تاب ولم يعلم منه الاّ خيراً اجازت شهادته.
{ (6) وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَهُمْ شُهَداءُ إِلاّ أَنفُسُهُمْ فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَاداتٍ } وقرء بالرّفع { بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصّادِقِينَ } اي فيما رماها به من الزّنا.
{ (7) وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللهِ عَلَيْهِ } وقرء بتخفيف ان { إِنْ كانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ } في الرمي.
{ (8) وَيَدْرَؤُا } ويدفع { عَنْهَا الْعَذَابَ } الرجم { أَن تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَاداتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبينَ } فيما رماني به.
{ (9) وَالْخامِسَةُ } وقرء بالنّصب { أَنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْهَا إِن كانَ مِنَ الصَّادِقينَ } في ذلك وقرء بتخفيف انّ وكسر الضّاد.
في الكافي عن الصادق عليه السلام انّه سئل عن هذه الآية فقال هو القاذف الذي يقذف امرأته فاذا قذفها ثم اقرّ انه كذب عليها جلد الحد وردّت اليه امرأته وان ابى الاّ ان يمضي فليشهد عليها اربع شهادات بالله انّه لمن الصادقين والخامسة يلعن فيها نفسه ان كان من الكاذبين وان ارادت ان تدرء عن نفسها العذاب والعذاب هو الرّجم شهدت اربع شهادات بالله إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبينَ وَالْخَامِسَةُ أَنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْها إِن كانَ مِنَ الصّادِقينَ فان لم تفعل رجمت وان فعلت درأت عن نفسها الحدّ ثم لا تحلّ له الى يوم القيامة قيل ارأيت ان فرّق بينهما ولها ولد فمات قال ترثه امّه وان ماتت امّه ورثه اخواله ومن قال انّه ولد زنا جلد الحدّ قيل يردّ اليه الولد اذا اقرّ به قال لا ولا كرامة ولا يرث الابن ويرثه الابن.
وعنه عليه السلام
"انّ رجلاً من المسلمين اتى رسول الله صلّى الله عليه وآله فقال يا رسول الله أرأيت لو انّ رجلاً دخل منزله فوجد مع امرأته رجلاً يجامعها ما كان يصنع قال اعرض عنه رسول الله صلّى الله عليه وآله فانصرف الرجل وكان ذلك الرجل هو الذي ابتلى بذلك من امرأته قال فنزل الوحي من عند الله بالحكم فيهما فأرسل رسول الله صلّى الله عليه وآله الى ذلك الرجل فدعاه فقال له انت الذي رأيت مع امرأتك رجلاً فقال نعم فقال له انطلق فأتني بامرأتك فانّ الله قد انزل الحكم فيك وفيها قال فاحضرها زوجها فأوقفهما رسول الله صلّى الله عليه وآله ثم قال للزّوج اشهد اربع شهادات بالله انّك لمن الصّادقين فيما رميتها به قال فشهد ثم قال له اتّق الله فانّ لعنة الله شديدة ثم قال له اشهد الخامسة انّ لعنة الله عليك ان كنت من الكاذبين قال فشهد ثم امر به فُنحّى ثم قال للمرأة اشهدي اربع شهادات بالله انّ زوجك لمن الكاذبين فيما رماكِ به قال فشهدت ثم قال لها امسكي فوعظها فقال لها اتّقي الله فانّ غضب الله شديد ثم قال لها اشهدي الخامسة انّ غضب الله عليك ان كان زوجك من الصادقين فيما رماك به قال فشهدت قال ففرّق بينهما وقال لهما لا تجتمعا بنكاح ابداً بعد ما تلاعنتما" .
والقمّي انّها نزلت في اللّعان وكان سبب ذلك انه لمى رجع رسول الله صلى الله عليه وآله من غزوة تبوك جاء اليه عويمر بن ساعدة العجلاني وكان من الانصار فقال يا رسول الله انّ امرأتي زنى بها شريك بن سمحا وهي منه حامل فاعرض عنه رسول الله صلّى الله عليه وآله فاعاد عليه القول فاعرض عنه حتى فعل ذلك اربع مرات فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم منزله فنزل عليه آية اللعان وخرج رسول الله وصلّى بالناس العصر وقال لعويمر ايتني بأهلك فقد انزل الله فيكما قراناً فجاء اليها فقال لها رسول الله صلّى الله عليه وآله يدعوك وكانت في شرف من قومها فجاء معها جماعة فلمّا دخلت المسجد قال رسول الله صلّى الله عليه وآله لعويمر تقدّم الى المنبر والتعنا فقال كيف اصنع فقال تقدّم وقل اشهد بالله انّي اذاً لمن الصادقين فيما رميتها به فتقدّم وقالها فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله اعدها فأعادها ثم قال اعدها فأعادها حتى فعل ذلك اربع مرّات فقال له في الخامسة عليك لعنة الله ان كنت من الكاذبين فيما رميتها به فقال في الخامسة انّ لعنة الله عليه ان كان من الكاذبين فيما رماها به ثم قال رسول الله صلّى الله عليه وآله انّ اللعنة موجبة ان كنت كاذباً ثم قال له تنحّ فتنحّى ثم قال لزوجته تشهدين كما شهد والاّ أقمت عليك حدّ الله فنظرت في وجوه قومها فقالت لا اسودّ هذه الوجوه في هذه العشيّة فتقدّمت الى المنبر وقالت اشهد بالله ان عويمر بن ساعدة من الكاذبين فيما رماني به فقال لها رسول الله صلّى الله عليه وآله اعيديها فأعادتها حتّى اعادتها اربع مرّات فقال لها رسول الله صلّى الله عليه وآله اِلْعَني نَفْسَكِ في الخامسة ان كان من الصادقين فيما رَماكِ به فقالت في الخامسة انّ غضب الله عليها ان كان من الصادقين فيما رماني به فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله ويلك انّها موجبة لك ثم قال رسول الله صلّى الله عليه وآله لزوجها اذهب فلا تحلّ لك ابداً قال يا رسول الله فمالي الذي اعطيتها قال ان كنت كاذباً فهو ابعد لك منه وان كنت صادقاً فهو لها بما استحللت من فرجها ثم قال رسول الله صلّى الله عليه وآله ان جاءت بالولد احمش الساقين انفس العينين جَعْد قطط فهو للامر السّيء وان جاءت به اشهل واصهب فهو لأبيه فيقال انها جاءت به على الامر السّيء فهذه لا تحل لزوجها وان جاءت بولد لا يرثه ابوه وميراثه لأمّه وان لم يكن له امّ فلأخواله وان قذفه احد جلد حدّ القاذف.
وفي العوالي روي انّ هلال بن اميّة قذف زوجته بشريك بن السّمحا فقال النبي صلّى الله عليه وآله البيّنة والاّ حدّ في ظهرك فقال يا رسول الله يجد احدنا مع امرأته رجلاً يلتمس البيّنة فجعل رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول البيّنة والاّ حدّ في ظهرك فقال والّذي بعثك بالحقّ انّني لصادق وسينزل الله ما يبرىء ظهري من الجلد فنزل قوله تعالى { وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ } الآية.
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام اذا قذف الرجل امرأته فانّه لا يلاعنها حتّى يقول رأيت بين رجليها رجلاً يزني بها.
وعن الباقر عليه السلام يجلس الإِمام مستدبر القبلة فيقيمها بين يديه مستقبل القبلة بحذاه ويبدأ بالرّجل ثم المرأة.
وفي رواية ويجعل الرجل عن يمينه والمرأة عن يساره.
وعن الصادق عليه السلام في رجل اوقفه الإِمام للعان فشهد شهادتين ثم نكل فأكذب نفسه قبل ان يفرغ من اللعان قال يجلد جلد القاذف ولا يفرق بينه وبين امرأته.
وعن الجواد عليه السلام انّه قيل له كيف صار اذا قذف الرجل امرأته كانت شهادته اربع شهادات بالله واذا قذفه غيره اب او اخ او ولد او قريب جلد الحدّ ويقيم البيّنة على ما قال فقال قد سئل جعفر عليه السلام عن ذلك فقال انّ الزوج اذا قذف امرأته فقال رأيت ذلك بعيني كانت شهادته اربع شهادات بالله واذا قال انّه لم يره قيل له اقم البيّنة على ما قلت والاّ كان بمنزلة غيره وذلك ان الله جعل للزوج مدخلاً لم يجعله لغيره والد ولا ولد يدخله بالليل والنهار فجاز له ان يقول رأيت ولو قال غيره رأيت قيل له وما ادخلك المدخل الذي ترى هذا فيه وحدك انت متّهم فلا بدّ ان يقام عليك الحدّ الّذي اوجبه الله عليك قال وانّما صارت شهادة الزّوج اربع شهادات لمكان الاربعة شهداء مكان كلّ شاهد يمين.
وفي العلل عن الصادق عليه السلام انّه سئل لمَ يجعل في الزّنا اربعة شهود وفي القتل شاهدان فقال انّ الله عزّ وجلّ حلّ لكم المتعة وعلم انّها ستنكر عليكم فجعل الاربعة الشهود احتياطاً لكم لولا ذلك لأتى عليكم وقلّما يجتمع اربع شهادات بامر واحد.
وفي رواية اخرى قال عليه السلام الزّنا فيه حدّان ولا يجوز ان يشهد كلّ اثنين على واحد لأنّ الرجل والمرأة جميعاً عليهما الحدّ والقتل انّما يقام الحدّ على القاتل ويدفع عن المقتول.