التفاسير

< >
عرض

إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ
٦٧
وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ
٦٨
وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ
٦٩
إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ
٧٠
قَالُواْ نَعْبُدُ أَصْنَاماً فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ
٧١
قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ
٧٢
أَوْ يَنفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ
٧٣
قَالُواْ بَلْ وَجَدْنَآ آبَآءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ
٧٤
قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَّا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ
٧٥
أَنتُمْ وَآبَآؤُكُمُ ٱلأَقْدَمُونَ
٧٦
فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِيۤ إِلاَّ رَبَّ ٱلْعَالَمِينَ
٧٧
-الشعراء

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (67) إِنَّ فِى ذَلِكَ لآَيَةً } وايّة آية { وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ } وما تنبّه عليها اكثرهم اذ لم يؤمن بها احد ممّن بقي في مصر من القبط وبنو إسرائيل بعد ما نجوا سألوا بقرة يعبدونها واتّخذوا العجل وَقَالُوا { { لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ نَرَى ٱللَّهَ جَهْرَةً } [البقرة: 55].
{ (68) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ } المنتقم من اعدائه { الرَّحِيمُ } بأوليائه.
القمّي في الحديث السابق فلمّا قرب موسى (ع) من البحر وقرب فرعون من موسى قال اصحاب موسى
{ { إِنَّا لَمُدْرَكُونَ } [الشعراء: 61] قَالَ مُوسَى { { كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ } [الشعراء:62] اي سينجين فدنا موسى من البحر فقال له انفرق فقال البحر استكبرت يا موسى ان انفرق لك ولم اعص الله عزّ وجلّ طرفة عين وقد كان فيكم العاصي فقال له موسى فاحذر ان تعصي وقد علمت انّ آدم اخرج من الجنَّة بمعصيته وانّما لعن ابليس بمعصيته فقال البحر ربّي عظيم مطاع امره ولا ينبغي لشيء ان يعصيه فقام يوشع بن نون فقال لموسى يا نبيّ الله ما امرك ربّك قال بعبور البحر فاقحم يوشع فرسه في الماء فأوحى الله عزّ وجلّ الى موسى { { أَنِ ٱضْرِب بِّعَصَاكَ ٱلْبَحْرَ } [الشعراء: 63] فضربه { { فَٱنفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَٱلطَّوْدِ ٱلْعَظِيمِ } [الشعراء: 63] اي كالجبل العظيم فضرب له في البحر اثني عشر طريقاً فأخذ كلّ سبط منهم في طريق فكان الماء قد ارتفع و بقيت الأرض يابسة طلعت الشمس فيبست كما حكى الله عزّ وجلّ فاضرب لهم طريقاً في البحر يبساً لا تخاف دركاً ولا تخشى ودخل موسى (ع) واصحابه البحر وكان اصحابه اثني عشر سبطاً فضرب الله عزّ وجلّ لهم في البحر اثني عشر طريقاً فأخذ كلّ سبط في طريق وكان الماء قد ارتفع على رؤوسهم مثل الجبال فجزعت الفرقة التي كانت مع موسى في طريقه فقالوا يا موسى اين اخواننا فقال لهم معكم في البحر فلم يصدّقوه فأمر الله عزّ وجلّ البحر فصار طاقات حتّى كان ينظر بعضهم إلى بعض ويتحدّثون واقبل فرعون وجنوده فلمّا انتهى الى البحر قال لأصحابه ألا تعلمون أنّي ربّكم الاعلى قد فُرِجَ لي البحر فلم يجسر احد ان يدخل البحر وامتنعت الخيل منه لهول الماء فتقدم فرعون حتّى جاء الى ساحل البحر فقال له منجّمه لا تدخل البحر وعارضه فلم يقبل منه واقبل على فرس حصان فامتنع الحصان ان يدخل الماء فعطف عليه جبرائيل وهو على ماذيانة فتقدّمه فدخل فنزل الفرس إلى الرّمكة فطلبها ودخل البحر واقتحم اصحابه خلفه فلمّا دخلوا كلّهم حتّى كان آخر من دخل من اصحابه وآخر من خرج اصحاب موسى امر الله عزّ وجلّ الرّياح فضربت البحر بعضه ببعض فأقبل الماء يقع عليهم مثل الجبال فقال فرعون عند ذلك { { آمَنتُ أَنَّهُ لاۤ إِلِـٰهَ إِلاَّ ٱلَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنوۤاْ إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ } } [يونس: 90] فأخذ جبرئيل كفّاً من حماة فدسّها في فيه ثم قال { { آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ ٱلْمُفْسِدِينَ } [يونس: 91] وقد مرّ بعض هذه القصّة في سورة يونس وآخر في سورة طه.
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام قال إنّ قوماً ممّن آمن بموسى قالوا لو آتينا عسكر فرعون وكنّا فيه ونلنا من دنياه فإذا كان الذي نرجوه من ظهور موسى صرنا إليه ففعلوا فلمّا توجّه موسى ومن معه هاربين من فرعون ركبوا دوابهم وأسرعوا في السير ليلحقوا بموسى وعسكره فيكونوا معهم فبعث الله عزّ وجلّ ملكاً فضرب وجوه دوابهم فردّهم الى عسكر فرعون فكانوا فيمن غرق مع فرعون.
{ (69) وَاتْلُ عَلَيْهِمْ } على مشركي العرب{ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ }
{ (70) إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ } سألهم ليريهم انّ ما يعبدونه لا يستحقّ العبادة.
{ (71) قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ } اطالوا جوابهم تحجّجاً وافتخاراً.
{ (72) قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ } يسمعون دعاءكم.
{ (73) أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ } على عبادتكم لها { أَوْ يَضُرُّونَ } من اعرض عنها.
{ (74) قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ } اضربوا على جوابه والتجؤوا الى التقليد.
{ (75) قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ }
{ (76) أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الأَقْدَمُونَ }
{ (77) فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِى } يريد عدوّ لكم ولكنّه صوّر الامر في نفسه تعريضاً له لأنّه انفع في النّصح من التصريح والبدئة بنفسه في النصيحة ادعى للقبول { إلاّ رَبَّ الْعَالَمِينَ } استثناء منقطع او متّصل على انّ الضّمير لكلّ معبود عَبدوه وكان من آبائهم من عبد الله.