التفاسير

< >
عرض

وَجَحَدُواْ بِهَا وَٱسْتَيْقَنَتْهَآ أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً فَٱنْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُفْسِدِينَ
١٤
وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْماً وَقَالاَ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي فَضَّلَنَا عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ ٱلْمُؤْمِنِينَ
١٥
وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ ٱلطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ ٱلْفَضْلُ ٱلْمُبِينُ
١٦
-النمل

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (14) وَجَحَدُوا بِهَا } وكذّبوا بها { وَاسْتَيْقَنَتها أَنْفُسُهُمْ } وقد استيقنتها { ظُلْمًا } لأنفسهم { وَعُلُوًّا } ترفّعًا من الإِيمان والإِنقياد { فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ } وهو الغرق في الدّنيا والحرق في الآخرة.
{ (15) وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا } طائفة من العلم او علمًا ايّ علم { وَقَالاَ الْحَمْدُ للهِ } فعلا شكراً له ما فعلا وقال الحمد لله { الَّذِى فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ } يعمّ من لم يؤت علماً أو مثل علمهما وفيه دليل على فضل العلم وشرف اهله حيث شكراه على العلم وجعلاه اساس الفضل ولم يعتبرا دونه وما اُوتيا من الملك الذي لم يؤت غيرهما وتحريض للعالم على ان يحمد الله على ما اتاه من فضله وان يتواضع ويعتقد انّه وان فضّل على كثير فقد فضّل عليه كثير.
{ (16) وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ } المُلك والنبوّة.
في الكافي عن الجواد عليه السلام انّه قيل له انّهم يقولون في حداثة سنّك فقال انّ الله اوحى الى داوُد ان يستخلف سليمان عليهما السلام وهو صبيّ يرعى الغنم فأنكر ذلك عبّاد بني إسرائيل وعلماؤهم فأوحى الى داود ان خذ عصا المتكلّمين وعصا سليمان واجعلها في بيت واختم عليها بخواتيم القوم فاذا كان من الغد فمن كانت عصاه اورقت واثمرت فهو الخليفة فاخبرهم داود (ع) فقالوا قد رضينا وسلّمنا { وَقَالَ يَا أَيُّهَا النّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأوتِينا مِنْ كُلِّ شَىءٍ } تشهيراً لنعمة الله وتنويهاً بها ودعاء للنّاس الى التصديق بذكر المعجزة.
في البصائر عن الصادق عليه السلام انّه تلا رجل عنده هذه الآية فقال (ع) ليس فيها من وانّما هي واوتينا كلّ شيءٍ { إِنَّ هذَا لَهُوَ الْفَضْلُ المُبِينُ } الذي لا يخفى على احد.
في الجوامع عن الصادق عليه السلام يعني الملك والنبوّة.
والقمّي عنه عليه السلام اعطى سُليمان بن داوُد مع علمه معرفة المنطق بكلّ لسان ومعرفة اللّغات ومنطق الطّير والبهائم والسّباع وكان اذا شاهد الحروب تكلّم بالفارسيّة واذا قعد لعمّاله وجنوده واهل مملكته تكلّم بالرّوميّة واذا خلا بنسائه تكلّم بالسريانية والنبطيّة واذا قام في محرابه لمناجاة ربّه تكلّم بالعربيّة واذا جلس للوفود والخصماء تكلّم بالعبرانيّة.
وفي المجمع عنه عن ابيه عليهما السلام قال اعطى سليمان بن داود ملك مشارق الأرض ومغاربها فملك سبعمأة سنة وستّة اشهر ملك اهل الدّنيا كلّهم من الجنّ والانس والشياطين والدواب والطير والسباع واعطى علم كلّ شيء ومنطق كلّ شيء وفي زمانه صنعت الصنايع العجيبة التي سمع بها النّاس وذلك قوله { عُلِّمْنَا } منطق الطّير.
وفي البصائر عنه عليه السلام قال قال امير المؤمنين عليه السلام لابن عبّاس ان الله علّمنا منطق الطّير كما علّم سليمان بن داوُد عليه السلام ومنطق كلّ دابّة في برّ وبحر وعَنه عليه السلام انّ سُليمان بن داود (ع) قال علّمنا منطق الطّير واُوتينا من كلّ شيء وقد والله علّمنا منطق الطّير وعلم كلّ شيء.
وفي الكافي عن الكاظم عليه السلام قال انّ الإِمام لا يخفى عليه كلام احد من الناس ولا طير ولا بهيمة ولا شيء فيه الروح ومن لم تكن هذه الخصال فيه فليس هو بإمام.
وعن الباقر عليه السلام انّه وقع عنده زوج ورشان على الحايط فهدلا هديلهما فردّ عليهما كلامهما فمكثا ساعة ثمّ نهضا فلمّا طارا على الحايط هدل الذكر على الانثى ساعة ثم نهضا فسئل (ع) ما هذا الطير فقال كلّ شيء خلقه الله من طير وبهيمة او شيء فيه روح فهو اسمع لنا واطوع من ابن آدم انّ هذا الورشان ظنّ بامرأته فحلفت له ما فعلت فقالت ترضى بمحمّد بن عليّ (ع) فرضيا بي فأخبرته انّه لها ظالم فصدّقها.
والاخبار في هذا المعنى عنهم عليهم السلام كثيرة.