التفاسير

< >
عرض

أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ ٱلرِّيَاحَ بُشْرَاً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ تَعَالَى ٱللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ
٦٣
أَمَّن يَبْدَؤُاْ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وٱلأَرْضِ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
٦٤
قُل لاَّ يَعْلَمُ مَن فِي ٱلسَّمَٰوٰتِ وٱلأَرْضِ ٱلْغَيْبَ إِلاَّ ٱللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ
٦٥
بَلِ ٱدَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِّنْهَا بَلْ هُم مِّنْهَا عَمُونَ
٦٦
وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَإِذَا كُنَّا تُرَاباً وَآبَآؤُنَآ أَإِنَّا لَمُخْرَجُونَ
٦٧
لَقَدْ وُعِدْنَا هَـٰذَا نَحْنُ وَآبَآؤُنَا مِن قَبْلُ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ
٦٨
قُلْ سِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَٱنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلْمُجْرِمِينَ
٦٩
وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُن فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ
٧٠
وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
٧١
قُلْ عَسَىٰ أَن يَكُونَ رَدِفَ لَكُم بَعْضُ ٱلَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ
٧٢
وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى ٱلنَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَشْكُرُونَ
٧٣
وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ
٧٤
وَمَا مِنْ غَآئِبَةٍ فِي ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ
٧٥
إِنَّ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَىٰ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ ٱلَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ
٧٦
وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤمِنِينَ
٧٧
إِن رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُم بِحُكْمِهِ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْعَلِيمُ
٧٨
-النمل

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (63) أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِى ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ } بالنجوم وعلامات الأرض { وَمَنْ يُرْسِلُ الرّيَاحَ بُشرًا بَيْنَ يَدَىْ رَحْمَتِهِ } يعني المطر { ءَإِلهٌ مَعَ اللهِ } يقدر على شيء من ذلك { تَعَالَى الله عَمَّا يُشْرِكُونَ }
{ (64) أَمَّنْ يَبْدَؤُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ } أي بأسباب سماويّة وأرضيّة { ءَإِلَهٌ مَعَ اللهِ } يفعل ذلك { قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ } على انّ غيره يقدر على شيء من ذلك { إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } في اشراككم.
{ (65) قُلْ لاَ يَعْلَمُ مَنْ فِى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاّ اللهُ }
في نهج البلاغة انّ امير المؤمنين عليه السلاماخبر يوماً ببعض الأُمور التي لم يأت بعد فقيل له اعطيت يا امير المؤمنين علم الغيب فضحك (ع) وقال ليس هو بعلم غيب انّما هو تعلّم من ذي علم وانّما علم الغيب علم السّاعة وما عدّده الله سبحانه بقوله
{ { إِنَّ ٱللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ ٱلسَّاعَةِ } [ لقمان: 34] الآية فيعلم سبحانه ما في الأرحام من ذكر وأنثى وقبيح او جميل وسخيّ او بخيل وشقيّ او سعيد ومن يكون للنّار حطباً او في الجنان للنبيّين مرافقاً فهذا علم الغيب الذي لا يعلمه الاّ الله وما سوى ذلك فعلم علّمه الله نبيّه فعلّمنيه ودعا لي ان يعيه صدري وتضمّ عليه جوارحي { وَمَا يَشْعُرُونَ أَيّانَ يُبْعَثُونَ } متى ينشرون.
{ (66) بَلِ ادّارَكَ } تتابع حتّى استحكم { عِلْمُهُمْ فِى الآخِرَةِ }
القمّي يقول علموا ما كانوا جهلوا في الدنيا وقرء بدون الألف مع تخفيف الدّال وتشديدها { بَلْ هُمْ فِى شَكٍّ مِنْهَا } في حيرة { بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ } لاختلال بصيرتهم قيل الاضرابات الثلاث تنزيل لأحوالهم.
{ (67) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا ءَإِذَا كُنّا تُرَابًا وَآبَاؤُنَا أَئِنّا لَمُخْرَجُونَ } من الأجداث أو من الفناء إلى الحياة وتكرير الهمزة للمبالغة في الانكار وقرء بحذف الأولى وبحذفهما واننا بالنّونين.
{ (68) لَقَدْ وُعِدْنَا هذَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هذَا إِلاّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ } اكاذيبهم التي هي كالاسمار.
{ (69) قُلْ سِيرُوا فِى الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ } تهديد لهم على التكذيب وتخويف بأن ينزل عليهم مثل ما نزل بالمكذّبين قبلهم والتعبير عنهم بالمجرمين ليكون لطفاً للمجرمين في ترك الجرائم.
{ (70) وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ } على تكذيبهم واعراضهم { وَلاَ تَكُنْ فِى ضَيْقٍ } في حرج صدر وقرء بكسر الضاد { مِمّا يَمْكُرُونَ } من مكرهم فانّ الله يعصمك من الناس.
{ (71) وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ } العذاب الموعود { إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ }
{ (72) قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ } تبعكم ولحقكم والقمّي اي قد قرب من خلفكم { بَعْضُ الَّذِى تَسْتَعْجِلُونَ } حلوله قيل هو عذاب يوم بدر.
{ (73) وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ } بتأخيره عقوبتهم على المعاصي { وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَشْكُرُونَ } لا يعرفون حقّ النعمة فلا يشكرونه بل يستعجلون بجهلهم وقوعه.
{ (74) وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ } ما تخفيه { وَمَا يُعْلِنُونَ } من عداوتك فيجازيهم عليه.
{ (75) وَمَا مِنْ غَآئِبَةٍ فِى السَّمَآءِ وَالأَرْضِ }خافية فيهما { إِلاّ فِى كِتَابٍ مُبِينٍ }.
في الكافي عن الكاظم عليه السلام في حديث وإنّ في كتاب الله لآيات ما يراد بها امر الاّ ان يأذن الله به مع ما قد يأذن الله ممّا كتبه الماضون جعله الله لنا في امّ الكتاب انّ الله يقول { وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ } الآية ثمّ قال
{ { ثُمَّ أَوْرَثْنَا ٱلْكِتَابَ ٱلَّذِينَ ٱصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا } [فاطر: 32] فَنَحْنُ الَّذِينَ اصطفينا الله واورثنا هذا الذي فيه تبيان كلّ شيء.
{ (76) إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِى إٍسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِى هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } كالتشبيه والنّزيه واحوال الجنّة والنار وعزير والمسيح.
{ (77) وَإِنَّهُ لَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ } فانهم المشفعون به.
{ (78) إِنّ رَبَّكَ يَقْضِى بَيْنَهُمْ } بين بني إسرائيل { بِحُكمِهِ } اي بحكمته او بما يحكم به وهو الحقّ { وَهُوَ الْعَزِيزُ } فلا يردّ قضاءه { الْعَلِيمُ } بحقيقة ما يقضي فيه وحكمته.