التفاسير

< >
عرض

قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَٱغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ
١٦
قَالَ رَبِّ بِمَآ أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِّلْمُجْرِمِينَ
١٧
فَأَصْبَحَ فِي ٱلْمَدِينَةِ خَآئِفاً يَتَرَقَّبُ فَإِذَا ٱلَّذِي ٱسْتَنْصَرَهُ بِٱلأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مُوسَىٰ إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُّبِينٌ
١٨
فَلَمَّآ أَنْ أَرَادَ أَن يَبْطِشَ بِٱلَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَّهُمَا قَالَ يٰمُوسَىٰ أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْساً بِٱلأَمْسِ إِن تُرِيدُ إِلاَّ أَن تَكُونَ جَبَّاراً فِي ٱلأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَن تَكُونَ مِنَ ٱلْمُصْلِحِينَ
١٩
وَجَآءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَا ٱلْمَدِينَةِ يَسْعَىٰ قَالَ يٰمُوسَىٰ إِنَّ ٱلْمَلأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَٱخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ ٱلنَّاصِحِينَ
٢٠
فَخَرَجَ مِنْهَا خَآئِفاً يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ
٢١
وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَآءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَىٰ رَبِّيۤ أَن يَهْدِيَنِي سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ
٢٢
وَلَمَّا وَرَدَ مَآءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ ٱلنَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ ٱمْرَأَتَينِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لاَ نَسْقِي حَتَّىٰ يُصْدِرَ ٱلرِّعَآءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ
٢٣
-القصص

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (16) قَالَ رَبِّ إِنِّى ظَلَمْتُ نَفْسِى } قال (ع) يقول وضعت نفسي غير موضعها بدخول هذه المدينة { فَاغْفِرْ لِى } قال (ع) يعني استرني من اعدائك لئلاّ يظفروا بي فيقتلوني { فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }
{ (17) قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَىَّ } قال عليه السلام يعني من القوّة حتى قتلت رجلاً بوكزة { فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ } قال (ع) بل اجاهدهم في سبيلك بهذه القوّة حتّى ترضى.
في الاكمال في الحديث السابق قال وكان موسى (ع) قد اُعطي بسطة في الجسم وشدّة في البطش قال فذكره الناس وشاع امره وقالوا انّ موسى قتل رجلاً من آل فرعون.
{ (18) فَأَصْبَحَ فِى الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ } يترصد الاستفادة { فَإِذَا الَّذِى اسْتَنْصَرَهُ بِالأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ } يستغيثه على آخر { قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِىٌّ مُبِينٌ } بيّن الغواية في حديث العيون قال قال له قاتلت رجلاً بالامس وتقاتل هذه اليوم لاوذينّك واراد ان يبطش به.
{ (19) فَلَمّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِى هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا } لموسى والاسرائيلي لأنّه لم يكن على دينهما ولأنّ القبط كانوا اعداء لبني إسرائيل { قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِى كَمَا قَتَلْتَ نفسًا بِالأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ جَبّارًا فِى الأَرْضِ } متطاولاً على الناس { وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ } بينهم في حديث قال قال وهو من شيعته.
أقولُ: لعلّ المراد أن الاسرائيلي قال ذلك وكأنّه لمّا سمّا غويّاً ظنّ انّه يبطش به
والقمّي عن الباقر عليه السلام في حديثه السابق فلمّا كان من الغد جاء آخر فتشبّث بذلك الرجل الذي يقول بقول موسى فاستغاث بموسى فلمّا نظر صاحبه الى موسى قال له اتريد ان تقتلني فخلّى عن صاحبه وهرب.
{ (20) وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلأ يَأْتَمِرُونَ بِكَ } يتشاورون بسببك وانّما سمّي التشاور ايتماراً لأنّ كلاّ من المتشاورين يأمر الآخر ويأتمر { لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّى لَكَ مِنَ النّاصِحِينَ } قيل هو مؤمن آل فرعون وكان ابن عمّ موسى والقمّي في حديثه السابق وكان خازن فرعون مؤمناً بموسى قد كتم ايمانه ستمأة سنة وهو الذي قال الله عزّ وجلّ
{ { وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ } [غافر: 28] يكتم ايمانه قال وبلغ فرعون خبر قتل موسى الرجل فطلبه ليقتله فبعث المؤمن الى موسى { { إِنَّ ٱلْمَلأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ } [القصص: 20] الآية.
{ (21) فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ } لحوق طالب { قَالَ رَبِّ نَجِّنِى مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } خلّصني منهم واحفظني من لحوقهم القمّي في حديثه السابق قال يلتفت يمنة ويسرة ويقول { ربّ نجّني مِنَ الْقَوْمِ الظّالِمِينَ } قال ومرّ نحو مدين وكان بينه وبين مدين مسيرة ثلاثة ايّام.
{ (22) وَلَمّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ } قَبَالة مدين قرية شعيب قيل سمّيت باسم مدين بن ابراهيم ولم يكن في سلطان فرعون { قَالَ عَسَى رَبِّى أَنْ يَهْدِيَنِى سَوَاءَ السَّبِيلِ }.
في الاكمال في الحديث السابق فخرج من مصر بغير ظهر ولا دابّة ولا خادم تحفظه الأرض مرّة وترفعه اخرى حتّى انتهى الى ارض مدين فانتهى الى اصل شجرة فنزل فاذا تحتها بئر.
{ (23) وَلَمّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ } اي البئر { وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ } جماعة كثيرة مختلفين { يَسْقُونَ } مواشيهم { وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمْ } في مكان اسفل من مكانهم { امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ } تمنعان اغنامهما عن الماء لئلاّ تختلط بأغنامهم { قَالَ مَا خَطْبُكُمَا } ما شأنكما تذودان { قَالَتَا لاَ نَسْقِى حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ } يصرف الرعاة مواشيهم عن الماء حذراً عن مزاحمة الرجال وقرء يصدر بفتح الياء وضمّ الدّال اي ينصرف { وَأَبُونا شَيْخٌ كَبِيرٌ } كبير السنّ لا يستطيع ان يخرج للسّعي فيرسلنا اضطراراً.