التفاسير

< >
عرض

فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ ٱلأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُنتَصِرِينَ
٨١
-القصص

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (81) فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ } في مناهي الفقيه ونهى ان يختال الرجل في مشيه وقال من لبس ثوباً فاختال فيه خسف الله به من شفير جهنّم وكان قرين قارون لأنّه اوّل من اختال فخسف الله به وبداره الارض { فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ }اعوان { يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللهِ } فيدفعون عنه عذابه { وَمَا كَانَ مِنَ المُنْتَصِرِينَ } الممتنعين منه روي انّ موسى بأهله بأخيه هارون وبنيه فخسف به وبأهله وماله ومن وازره من قومه.
والقمّي وكان سبب هلاك قارون انّه لمّا اخرج موسى (ع) بني اسرائيل من مصر وانزلهم البادية انزل الله عليهم المنّ والسلوى الى ان قال ففرض الله عليهم دخول مصر وحرّمها عليهم اربعين سنة وكانوا يقومون من اوّل اللّيل ويأخذون في قراءة التوراة والدعاء والبكاء وكان قارون منهم وكان يقرء التوراة ولم يكن فيهم احسن صوتاً منه وكان يسمّى المنون لحُسن قراءته وكان يعمل الكيميا فلمّا طال الأمر على بني اسرائيل في التيه والتوبة وكان قارون قد امتنع من الدخول معهم في التوبة وكان موسى (ع) يحبه فدخل عليه موسى فقال له يا قارون قومك في التوبة وانت قاعد ههنا ادخل معهم والاّ ينزل بك العذاب فاستهان به واستهزء بقوله فخرج موسى من عنده مغتمّاً فجلس في فناء قصره وعليه جبّة شعر وفي رجله نعلان من جلد حمار شراكهما من خيوط شعر بيده العصا فأمر قارون ان يصبّ عليه رماد قد خلط بالماء فصبّ عليه فغضب موسى (ع) غضباً شديداً وكان في كتفه شعرات كان اذا غضب خرجت من ثيابه قطر منها الدّم فقال موسى (ع) يا ربّ ان لم تغضب لي فلست لك بنبيّ فأوحى الله عزّ وجلّ اليه قد امرت الأرض ان تطيعك فمُرها بما شئت وقد كان قارون قد امر ان يغلق باب القصر فأقبل موسى فأومى الى الابواب فانفرجت ودخل عليه فلمّا نظر اليه قارون علم انّه قد اوتي بالعذاب فقال يا موسى اسئلك بالرّحم الذي بيني وبينك فقال له موسى يا ابن لاوى لا تزدني من كلامك يا ارض خذيه فدخل القصر بما فيه في الأرض ودخل قارون في الأرض الى ركبتيه فبكى وحلفه بالرّحم فقال له موسى يا ابن لاوى لا تزدني من كلامك يا ارض خذيه فابتلعته بقصره وخزائنه وهذا ما قال موسى لقارون يوم اهلكه الله عزّ وجلّ فعيّره الله عزّ وجلّ بما قاله لقارون فعلم موسى (ع) انّ الله تبارك وتعالى قد عيّره بذلك فقال يا ربّ انّ قارون دعاني بغيرك ولو دعاني بك لأجبته فقال الله عزّ وجلّ يا ابن لاوى ولا تزدني من كلامك فقال موسى يا ربّ لو علمت انّ ذلك لك رضىً لأجبته فقال الله يا موسى وعزّتي وجلالي وجودي ومجدي وعلوّ مكاني لو انّ قارون كما دعاك دعاني لأجبته ولكنّه لمّا دعاك وكّلته اليك يا ابن عمران لا تجزع من الموت فانّي كتبت الموت على كلّ نفس وقد مهدت لك مهاداً لو قد وردت عليه لقرّت عيناك فخرج موسى (ع) الى جبل طور سيناء مع وصيّه وصعد موسى (ع) الجبل فنظر الى رجل قد اقبل ومعه مكتل ومسحاة فقال له موسى (ع) ما تريد قال انّ رجلاً من اولياء الله قد توفّى وانا احفر له قبراً فقال له موسى (ع) افلا اعينك عليه قال بلى قال فحفر القبر فلمّا فرغا اراد الرّجل ان ينزل الى القبر فقال له موسى ما تريد قال ادخل القبر فانظر كيف مضجعه فقال له موسى انا اكفيك فدخل موسى فاضطجع فيه فقبض ملك الموت روحه وانضم عليه الجبل، والقمّي في سورة يونس وقد سأل بعض اليهود امير المؤمنين عليه السلام عن سجن طاف اقطار الأرض بصاحبه فقال يا يهوديّ امّا السجن الذي طاف اقطار الأرض بصاحبه فانّه الحوت الذي حبس يُونس في بطنه فدخل في بحر القلزم ثم خرج الى بحر مصر ثمّ دخل بحر طبرستان ثم خرج في دجلة الغور قال ثمّ مرت به تحت الأرض حتى لحقت بقارون وكان قارون هلك في ايّام موسى ووكّل الله به ملكاً يدخله في الأرض كلّ يوم قامة رجل وكان يونس في بطن الحوت يسبّح الله ويستغفره فسمع قارون صوته فقال للملك الموكّل به انظرني فانّي اسمع كلام آدميّ فأوحى الله الى الملك الموكّل به انظره فأنظره ثمّ قال قارون من انت قال يونس انا المذنب الخاطي يونس بن متّى قال فما فعل شديد الغضب لله موسى بن عمران قال هيهات هلك قال فما فعل الرّؤوف الرّحيم على قومه هارون بن عمران قال هلك قال فما فعلت كلثم بنت عمران التي كانت سمّيت لي قال هيهات ما بقي من آل عمران أحد فقال قارون اسفاً على آل عمران فشكر الله تعالى له على ذلك فأمر الموكّل به ان يرفع عنه العذاب ايّام الدنيا فرفع عنه الحديث، ويأتي تمامه في سورة الصافات.
والعيّاشي عن الباقر عليه السلام قال انّ يونس عليه السلام لما اذاه قومه وساق الحديث الى ان قال فألق نفسه فَالْتَقَمَهُ الحُوتُ فطاف به البحار السبعة حتّى صار الى البحر المسجور وبه يعذّب قارون فسمع قارون دويّاً فسأل الملك عن ذلك فأخبره انّه يونس وانّ الله حبسه في بطن الحوت فقال له قارون أتأذن لي ان اكلّمه فأذن له فسأله عن موسى فأخبره أنّه مات فبكى ثم سأله عن هارون (ع) فأخبره انّه مات فبكى وجزع جزعاً شديداً وسأله عن اخته كلثم وكانت مسمّاة له فأخبره انّها ماتت فبكى وجزع جزعاً شديداً قال فأوحى الله الى الملك الموكّل به ان ارفع عنه العذاب بقيّة ايّام الدنيا لرقّته على قرابته.