التفاسير

< >
عرض

وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ ٱلَّذِي كَانُواْ يَعْمَلُونَ
٧
وَوَصَّيْنَا ٱلإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَآ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
٨
وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي ٱلصَّالِحِينَ
٩
وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يِقُولُ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ فَإِذَآ أُوذِيَ فِي ٱللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ ٱلنَّاسِ كَعَذَابِ ٱللَّهِ وَلَئِنْ جَآءَ نَصْرٌ مِّن رَّبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَ لَيْسَ ٱللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ ٱلْعَالَمِينَ
١٠
وَلَيَعْلَمَنَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَلَيَعْلَمَنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ
١١
وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّبِعُواْ سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِّن شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ
١٢
وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَّعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ
١٣
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَىٰ قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عَاماً فَأَخَذَهُمُ ٱلطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ
١٤
فأَنْجَيْناهُ وأَصْحَابَ ٱلسَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَآ آيَةً لِّلْعَالَمِينَ
١٥
وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱتَّقُوهُ ذٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
١٦
إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَوْثَاناً وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً إِنَّ ٱلَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لاَ يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً فَٱبْتَغُواْ عِندَ ٱللَّهِ ٱلرِّزْقَ وَٱعْبُدُوهُ وَٱشْكُرُواْ لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ
١٧
وَإِن تُكَذِّبُواْ فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِّن قَبْلِكُمْ وَمَا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلاَّ ٱلْبَلاَغُ ٱلْمُبِينُ
١٨
أَوَلَمْ يَرَوْاْ كَيْفَ يُبْدِئُ ٱللَّهُ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ
١٩
-العنكبوت

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (7) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِى كَانُوا يَعْمَلُونَ } احسن جزاء اعمالهم.
{ (8) وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا } القمّي قال هما اللّذان ولّداه { وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِى مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ } بآلهيّته عبّر عن نفيها بنفي العلم بها اشعاراً بانّ ما لا يعلم صحّته لا يجوز اتّباعه وان لم يعلم بطلانه فضلاً عمّا علم بطلانه { فَلاَ تُطِعْهُمَا } في ذلك فانّه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق { إِلَىَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } بالجزاء عليه.
{ (9) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِى الصّالِحِينَ } في جملتهم.
{ (10) وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنّا بِاللهِ فَإِذَا أُوذِىَ فِى اللهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النّاسِ كَعَذَابِ اللهِ } القمّي قال اذا اذاه انسان او اصابه ضرٌّ وفاقة او خوف من الظالمين دخل معهم في دينهم فرأى انّ ما يفعلونه هو مثل عذاب الله الذي لا ينقطع { وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ } فتح وغنيمة.
والقمّي يعني القائم عليه السلام { لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنّا مَعَكُمْ } في الدين فأشركونا فيه { أَوَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِى صُدُورِ الْعَالَمِينَ } من الاخلاص والنفاق.
{ (11) وَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا } بقلوبهم { وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ } فيجازي الفريقين.
{ (12) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ }.
القمّي قال كان الكفّار يقولون للمؤمنين كونوا معنا فانّ الذي تخافون انتم ليس بشيء فان كان حقّاً نتحمّل نحن ذنوبكم فيعذّبهم الله عزّ وجلّ مرّتين مرّة بذنوبهم ومرّة بذنوب غيرهم { وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَىْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ }
{ (13) وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ } اثقال ما اقترفته انفسهم { وَأَثْقَالاً مَعَ أَثْقَالِهِمْ } واثقالاً اخر معها لما تسبّبوا له بالاضلال والحمل على المعصية من غير ان ينقص من اثقال من تبعهم شيء { وَلَيُسْئَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ } سؤال تقريع وتبكيت { عَمّا كَانُوا يَفْتَرُونَ } من الاباطيل الّذي اضلّوا بها.
{ (14) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاّ خَمْسِينَ عَامًا }
في الاكمال عن الباقر عليه السلام لم يشاركه في نبوّته احد وفي الكافي عنه عليه السلام يدعوهم سرّاً وعلانية فلمّا ابوا وعتوا قال رَبِّ
{ { أَنِّي مَغْلُوبٌ فَٱنتَصِرْ } } [القمر: 10] { فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ }
(15) فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ } يتّعظون ويستدلّون بها.
{ (16) وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ } ممّا انتم عليه { إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ }
(17) إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا } وتكذبون كذباً في تسميتها آلهة او ادّعاء شفاعتها عند الله { إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لاَ يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِنْدَ اللهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }
(18) وَإِنْ تُكَذِّبُوا } وان تكذّبوني قيل هي من جملة قصّة ابراهيم (ع) والقمّي انقطع خبر ابراهيم وخاطب الله امّة محمد صلّى الله عليه وآله فقال وان تكذّبوا الى قوله لهم عذاب اليم ثمّ عطف على خبر ابراهيم (ع) فقال وما كان جواب قومه فهذا من المنقطع المعطوف.
أقول: الوجه فيه انّ مساق قصة ابراهيم (ع) لتسلية الرسول والتنفيس عنه بأنّ اباه خليل الله كان ممنوّا بنحو ما مني به من شرك القوم وتكذيبهم وتشبيه حاله فيهم بحال ابراهيم (ع) في قومه ولذلك توسّط مخاطبتهم بين طرفي قصّته { فَقَدْ كَذّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ } الرّسل فلم يضرّهم تكذيبهم وإنّما ضرّ انفسهم فكذا تكذيبهم { وَمَا عَلى الرَّسُولِ إِلاّ الْبَلاَغُ المُبِينُ } { (19) أَوَلَمْ يَرَوْا } وقرء بالتاء على تقدير القول { كَيْفَ يُبْدِؤُ اللهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلى اللهِ يَسِيرٌ } إذ لا يفتقر في فعله إلى شيء.