التفاسير

< >
عرض

قُلْ سِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَٱنظُرُواْ كَيْفَ بَدَأَ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ ٱللَّهُ يُنشِىءُ ٱلنَّشْأَةَ ٱلآخِرَةَ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
٢٠
يُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَيَرْحَمُ مَن يَشَآءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ
٢١
وَمَآ أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ فِي ٱلسَّمَآءِ وَمَا لَكُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ
٢٢
وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَلِقَآئِهِ أُوْلَـٰئِكَ يَئِسُواْ مِن رَّحْمَتِي وَأُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
٢٣
فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُواْ ٱقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنْجَاهُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلنَّارِ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ
٢٤
وَقَالَ إِنَّمَا ٱتَّخَذْتُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ أَوْثَاناً مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً وَمَأْوَاكُمُ ٱلنَّارُ وَمَا لَكُمْ مِّن نَّاصِرِينَ
٢٥
فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَىٰ رَبِّيۤ إِنَّهُ هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ
٢٦
وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ ٱلنُّبُوَّةَ وَٱلْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي ٱلدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي ٱلآخِرَةِ لَمِنَ ٱلصَّالِحِينَ
٢٧
وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ ٱلْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ ٱلْعَالَمِينَ
٢٨
-العنكبوت

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (20) قُلْ سِيرُوا فِى الأَرْضِ } خطاب لمحمّد صلّى الله عليه وآله ان كانت هذه الآية معترضة في قصّة ابراهيم كما ذكره
والقمّي وحكاية كلام الله لابراهيم (ع) ان كانت من جملة { فَانْظُروا كَيْفَ بَدَءَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الآخِرَةَ } وقرء بفتح الشّين والمدّ { إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ }.
(21) يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ } تردّون.
{ (22) وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِى الأَرْضِ } ربّكم عن ادراككم { وَلاَ فِى السَّمَاءِ } ان فررتم من قضائه بالتّواري في احديهما { وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِىٍّ وَلاَ نَصِيرٍ } يحرسكم عن بلائه.
{ (23) وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللهِ وَلِقَائِهِ } بالبعث { أُولَئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِى } لإِنكارهم البعث والجزاء { وَأَولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } بكفرهم.
{ (24) فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ } قوم ابراهيم (ع) له { إِلاّ أَنْ قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ } قيل وكان ذلك قول بعضهم لكن لمّا قال فيهم ورضي به الباقون اسند الى كلّهم { فَأَنْجَاهُ اللهُ مِنَ النّارِ } اي فقذفوه فيها فأنجاه منها بأن جعلها عليه برداً وسلاماً { إِنَّ فِى ذَلِكَ } في انجائه منها { لآيَاتٍ } هي حفظه من اذى النار واخمادها مع عظمها في زمان يسير وانشاء روض مكانها { لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } لأنّهم المنتفعون بها.
{ (25) وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ } وقرء بالاضافة منصوبة ومرفوعة { فِى الحَيَاةِ الدُّنْيَا } اي لتتوادّوا بينكم وتتواصلوا لاجتماعكم على عبادتها { ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ }
في الكافي عن الصادق عليه السلام يعني يتبرّء بعضكم من بعض. وفي التوحيد عن امير المؤمنين عليه السلام الكفر في هذه الآية البراءة يقول فيبرء بعضكم من بعض قال ونظيرها في سورة ابراهيم (ع) قول الشيطان
{ { إِنِّي كَفَرْتُ بِمَآ أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ } [إبراهيم: 22] وقول ابراهيم عليه السلام خليل الرحمن كفرنا بكم اي تبرّأنا منكم { وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا } اي يقوم التناكر والتلاعن بينكم او بينكم وبين الأوثان كقوله ويكونون عليهم ضدّاً.
في الكافي عن الصادق عليه السلام ليس قوم ائتمّوا بامام في الدنيا الاّ جاء يوم القيامة يلعنهم ويلعنونه الاّ انتم ومن كان على مثل حالكم.
وفي المحاسن عنه عليه السلام اما ترضون ان يأتي كلّ قوم يلعن بعضهم بعضاً الاّ انتم ومن قال بمقالتكم { وَمَأْوَاكُمُ النّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ } يخلصونكم منها.
{ (26) فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ } وكان ابن خالته كما سبق في قصّتهما { وَقَالَ إِنِّى مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّى } قيل مهاجر من قومي الى حيث امرني ربّي.
القمّي قال المهاجر من هجر السيّئات وتاب إلى الله { إنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ } الذي يمنعني من اعدائي { الْحَكِيمُ } الذي لا يأمرني الاّ بما فيه صلاحي.
في الاكمال عن الباقر عليه السلام انّ ابراهيم عليه السلام كان نبوّته بكوثى وهي قرية من قرى السّواد يعني به الكوفة قال فيها بدا اوّل امره ثم هاجر منها وليست بهجرة قتال وذلك قول الله عزّ وجلّ انِّي مهاجر الى ربّي سَيَهدِين.
{ (27) وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ } ولداً ونافلة حين أيس عن الولادة من عجوز عاقر ولذلك لم يذكر اسماعيل { وَجَعَلْنَا فِى ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوّةَ } فكثر منهم الانبياء { وَالْكِتَابَ } يشمل الكتب الأربعة والصّحف { وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِى الدُّنْيَا } باعطاء الولد في غير اوانه والذريّة الطيّبة التي من جملتهم خاتم الأنبياء وسيّد المرسلين وامير المؤمنين عليهما السلام وعترتهما الطّيبين واستمرار النبوّة فيهم وانتماء الملل اليه والصلاة والثّناء عليه الى آخر الدّهر { وَإِنَّهُ فِى الآخِرَةِ لَمِنَ الصّالِحِينَ } لفي عداد الكاملين في الصلاح.
{ (28) وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ ءَإِنَّكُمْ } وقرء بحذف همزة الاستفهام على الخبر { لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ } الفعلة البالغة في القبح { مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحِدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ }.