التفاسير

< >
عرض

أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ ٱلرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ ٱلسَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ ٱلْمُنْكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُواْ ٱئْتِنَا بِعَذَابِ ٱللَّهِ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ
٢٩
قَالَ رَبِّ ٱنصُرْنِي عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْمُفْسِدِينَ
٣٠
وَلَمَّا جَآءَتْ رُسُلُنَآ إِبْرَاهِيمَ بِٱلْبُشْرَىٰ قَالُوۤاْ إِنَّا مُهْلِكُوۤ أَهْلِ هَـٰذِهِ ٱلْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُواْ ظَالِمِينَ
٣١
قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطاً قَالُواْ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَن فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ ٱمْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ ٱلْغَابِرِينَ
٣٢
وَلَمَّآ أَن جَآءَتْ رُسُلُنَا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقَالُواْ لاَ تَخَفْ وَلاَ تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلاَّ ٱمْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ ٱلْغَابِرينَ
٣٣
إِنَّا مُنزِلُونَ عَلَىٰ أَهْلِ هَـٰذِهِ ٱلْقَرْيَةِ رِجْزاً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ
٣٤
وَلَقَد تَّرَكْنَا مِنْهَآ آيَةً بَيِّنَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ
٣٥
وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً فَقَالَ يٰقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱرْجُواْ ٱلْيَوْمَ ٱلأَخِرَ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي ٱلأَرْضِ مُفْسِدِينَ
٣٦
فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ ٱلرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ
٣٧
وَعَاداً وَثَمُودَاْ وَقَد تَّبَيَّنَ لَكُم مِّن مَّسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ ٱلسَّبِيلِ وَكَانُواْ مُسْتَبْصِرِينَ
٣٨
وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَآءَهُمْ مُّوسَىٰ بِٱلْبَيِّنَاتِ فَٱسْتَكْبَرُواْ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا كَانُواْ سَابِقِينَ
٣٩
فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّن أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُمْ مَّنْ أَخَذَتْهُ ٱلصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ ٱلأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَـٰكِن كَانُوۤاْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ
٤٠
مَثَلُ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَوْلِيَآءَ كَمَثَلِ ٱلْعَنكَبُوتِ ٱتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ ٱلْبُيُوتِ لَبَيْتُ ٱلْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ
٤١
إِنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ
٤٢
وَتِلْكَ ٱلأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَآ إِلاَّ ٱلْعَالِمُونَ
٤٣
-العنكبوت

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (29) أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ } وتتعرّضون للسّابلة بالفاحشة والفضيحة حتّى انقطعت الطّرق { وَتَأْتُونَ فِى نَادِيكُمُ } في مجالسكن الغاصّة ولا يقال النّادي الاّ لما فيه اهله { الْمُنْكَرَ }
في المجمع عن الرضا عليه السلام كانوا يتضارطون في مجالسهم من غير حشمة ولا حياء والقمّي قال كان يضرط بعضهم على بعض.
وفي العوالي عن النبي صلّى الله عليه وآله هو الحذف { فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إلاّ أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ }
{ (30) قَالَ رَبِّ انْصُرْنِى عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ } بابتداع الفاحشة فيمن بعدهم.
{ (31) وَلَمّا جَائَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى } بالبشارة بالولد والنافلة { قَالُوا إِنّا مُهْلِكُوا أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ } قرية سدوم { إِنّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ }
{ (32) قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطًا قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ } وقرء بالتخفيف { وَأَهْلَهُ إِلاّ امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ } الباقين في العذاب.
{ (33) وَلَمّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سىءَ بِهِمْ } جاءته المساءة والغمّ بسببهم { وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا } وضاق بشأنهم وتدبير امرهم ذرعه اي طاقته { وَقَالُوا } لمّا رأوا فيه من اثر الضّجرة { لاَ تَخَفْ وَلاَ تَحْزَنْ إِنّا مُنَجُّوكَ } وقرء بالتّخفيف { وَأَهْلَكَ إِلاّ امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الغَابِرِينَ }
{ (34) إِنَّا مُنْزِلُونَ } وقرء بالتّشديد { عَلَى أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ } عذاباً منها { بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ } بسبب فسقهم.
{ (35) وَلَقَدْ تَرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } هي منزل لوط بقي عبرة للسيّارة كما سبق في قصّتهم المشروحة في سورة هود.
{ (36) وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الآخِرَ } وافعلوا ما ترجون به ثوابه وقيل انّه من الرجاء بمعنى الخوف { وَلاَ تَعْثَوْا فِى الأَرْضِ مُفْسِدِينَ }
{ (37) فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ } الزلزلة الشديدة التي فيها الصّيحة { فَأَصْبَحُوا فِى دَارِهِمْ جَاثِمِينَ } باركين على الرّكب ميّتين.
{ (38) وَعَادًا وَثَمُودَا } اي واذكرهما واهلكناهما { وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ } بعض مساكنهم إذا نظرتم اليها عند مروركم بها { وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ } من الكفر والمعاصي { فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ } السبيل السويّ الذي بيّن لهم الرّسل { وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ } متمكّنين من النظر والاستبصار ولكنّهم لم يفعلوا.
{ (39) وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ } قدّم قارون لشرف نسبه { وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَى بِالبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِى الأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ } فائتين بل ادركهم امر الله
{ (40) فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا } حصباء كقوم لوط { وَمِنْهُم مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ } كمدين وثمود { وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ } كقارون { وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا } كفرعون وقومه وقوم نوح { وَمَا كَانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ } فيعاقبهم بغير جرم { وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } بالتعريض للعذاب.
{ (41) مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ أَوْلِيَاءَ } فيما اتّخذوه معتمداً ومتّكلاً { كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا } فيما نسجه في الوهن والخور { وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ } لا بيت اوهن واقلّ وقاية للحرّ والبرد منه { لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ } يرجعون الى علم لعلموا انّ هذا مثلهم.
{ (42) إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا تَدْعُونَ } وقرء بالياء { مِنْ دُونِهِ مِنْ شَىْءٍ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }
{ (43) وَتِلْكَ الأَمْثَالُ } يعني هذا المثل ونظائره { نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ } تقريباً لما بعد من افهامهم { وَمَا يَعْقِلُهَا إِلاّ الْعَالِمُونَ } الذين يتدبّرون الأشياء على ما ينبغي.
القمّي يعني آل محمد صلوات الله عليهم.
وفي المجمع عن النبيّ صلّى الله عليه وآله انّه تلا هذه الآية فقال العالم الذي عقل عن الله فعمل بطاعته واجتنب سخطه.