التفاسير

< >
عرض

وَلاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَٱخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ
١٠٥
يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُواْ ٱلْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ
١٠٦
وَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱبْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ ٱللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
١٠٧
-آل عمران

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (105) وَلاَ تَكُونُوْا كَالّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا } كاليهود والنصارى واختلفوا في التوحيد والتنزيه وأحوال الآخرة { مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ } الآيات والحجج المبيّنة للحق الموجبة للاتفاق عليه { وَأُوْلئك لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيْمٌ } وعيد للذين تفرقوا وتهديد على التشبّه بهم.
{ (106) يَوْمَ تَبْيَضُّ وَجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وَجُوهٌ } كنايتان عن ظهور بهجة السرور وكآبة الخوف فيه وقيل يوسم أهل الحق ببياض الوجه والصحيفة واشراق البشرة وسعي النور بين يديه وبيمينه وأهل الباطل بأضداد ذلك { فَأَمّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيْمَانِكُمْ } على ارادة القول أي فيقال لهم أكفرتم والهمزة للتوبيخ والتعجب من حالهم.
في المجمع عن أمير المؤمنين عليه السلام هُم أهل البدع والأهواء والآراء الباطلة من هذه الأمة.
وعن النبي صلّى الله عليه وآله وسلم قال والذي نفسي بيده ليردن علي الحوض ممن صحبني حتى إذا رأيتهم اختلجوا دوني فلا قولن أصحابي أصحابي فيقال لي إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك انهم ارتدوا على أعقابهم القهقرى ذكره الثعلبي في تفسيره { فَذُقُوا الْعَذَابَ } أمر اهانة { بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ } بسبب كفركم.
{ (107) وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فِفِي رَحْمَةِ اللهِ } يعني الجنة أو الثواب المخلد عبر عن ذلك بالرحمة تنبيهاً على أن المؤمن وان استغرق عمره في طاعة الله لا يدخل الجنة إلا برحمته وفضله قيل كان حق الترتيب أن يقدم ذكرهم ولكن قصد أن يكون مطلع الكلام ومقطعه حلية المؤمنين وثوابهم { هُمْ فِيْهَا خَالِدُونَ } أخرجه الاستيناف للتأكيد كأنه قيل كيف يكونون فيها فقال هم فيها خالدون.
والقمّي عن أبي ذر قال لمّا نزلت هذه الآية يوم تبيّض وجوه وتسودّ وجوه، قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم يرد عليّ أُمتي يوم القيامة على خمس رايات فراية من عجل هذه الأمة فاسألهم ما فَعَلتم بالثقلين من بعدي فيقولون أما الأكبر فحرفناه ونبذناه وراء ظهورنا وأما الأصغر فعاديناه وابغضناه وظلمناه فأقول رِدُوا النار ظماء مظمئين مسودّة وجوهكم ثم
"يرد عليَّ راية مع فرعون هذه الأمة فأقول لهم ما فعلتم بالثقلين من بعدي فيقولون أما الأكبر فحرّفناه ومزّقناه وخالفناه، وأما الأصغر فعاديناه وقاتلناه فأقول رِدُوا النار ظماء مظمئين مسوّدة وجوهكم، ثم يرد عليّ راية مع سامري هذه الأمة فأقول ما فعلتم بالثقلين من بعدي فيقولون أما الأكبر فعصيناه وتركناه وأما الأصغر فخذلناه وضيّعناه فأقول رِدُوا النار مظمئين مسودّة وجوهكم ثم يرد عليّ راية ذي الثدية مع أول الخوارج وآخرهم فاسألهم ما فعلتم بالثقلين من بعدي فيقولون أمّا الأكبر فمزّقناه وبرئنا منه واما الأصغر فقاتلنا وقتلنا فأقول ردوا النار ظماء مظمئين مسودة وجوهكم، ثم يرد عليَّ راية إمام المتّقين وسيّد الوصيين وقائد الغر المجلين ووصيّ رسول ربّ العالمين فأقول لهم ما فعلتم بالثقلين من بعدي فيقولون امّا الأكبر فاتبعناه واطعناه وأما الأصغر فأحببناه وواليناه ونصرناه حتى اهرقت فيه دماؤنا فأقول ردوا الجنة رواء مرويّين مبيضة وجوهكم ثم تلا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم يوم تبيضّ وجوه إلى قوله خالدون" .