التفاسير

< >
عرض

يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ ٱللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُؤْمِنِينَ
١٧١
ٱلَّذِينَ ٱسْتَجَابُواْ للَّهِ وَٱلرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَآ أَصَابَهُمُ ٱلْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ مِنْهُمْ وَٱتَّقَواْ أَجْرٌ عَظِيمٌ
١٧٢
ٱلَّذِينَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَٱخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا ٱللَّهُ وَنِعْمَ ٱلْوَكِيلُ
١٧٣
-آل عمران

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (171) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ } وهي أمنهم ثواباً لأعمالهم { وَفَضْلٍ } وهي الزيادة عليه كقوله تعالى لِلّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وزيادة وتنكيرها للتعظيم { وَأَنَّ اللهَ لاَ يُضِيِعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ } من جملة المستبشر به بكسر وقرئ الهمزة على الاستيناف.
{ (172) الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ }.
القمّي إن النبي صلّى الله عليه وآله وسلم لما دخل المدينة من وقعة أُحد نزل عليه جبرئيل فقال يا محمد ان الله يأمرك أن تخرج في أثر القوم ولا يخرج معك إلا من به جراحة فأمر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم منادياً ينادي يا معشر المهاجرين والأنصار من كانت به جراحة فليخرج به ومن لم يكن به جراحة فليقم فأقبلوا يضمدون جراحاتهم ويداوونها فخرجوا على ما بهم من الألم والجراح فلما بلغ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم حمراء الأسد وقريش قد نزلت الروحاء قال عكرمة بن أبي جهل والحارث بن هشام وعمرو بن العاص وخالد بن الوليد نرجع ونغير على المدينة قد قتلنا سراتهم وكبشهم يعنون حمزة فوافاهم رجل خرج من المدينة فسألوه الخبر فقال تركت محمداً وأصحابه بحمراء الأسد يطلبونكم جد الطلب فقال أبو سفيان هذا النكد والبغي فقد ظفرنا بالقوم وبغينا والله ما أفلح قوم قط بغوا فوافاهم نعيم بن مسعود الأشجعي فقال أبو سفيان أين تريد قال المدينة لامتار لأهلي طعاماً قال هل لك أن تمر بحمراء الأسد وتلقى أصحاب محمد صلّى الله عليه وآله وسلم وتعلمهم أن حلفاءنا وموالينا قد وافونا أتونا من الأحابيش حتى يرجعوا عنا ولك عندي عشرة قلايص املأها تمراً وزبيباً قال نعم فوافى من غد ذلك اليوم حمراء الأسد فقال لأصحاب رسول الله صلّى الله عليه وآله أين تريدون قالوا قريشاً قال ارجعوا ان قريشاً قد اجتمعت إليهم حلفاؤهم ومن كان تخلف عنهم وما أظن إلا وأوائل خيلهم يطلعون عليكم الساعة فقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ما نبالي فنزل جبرئيل على رسول الله فقال ارجع يا محمد فان الله قد ارعب قريشاً ومروا لا يلوون على شيء فرجع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة وأنزل الله الذين استجابوا لله والرسول الآيات.
{ (173) الّذِينَ قَالَ لَهُمُ النّاسُ } يعني نعيم بن مسعود الأشجعي كذا في المجمع عنهما عليهما السلام { إِنَّ النّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ } يعني أبا سفيان أصحابه { فَاخْشَوْهُمْ فَزَدَاهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ }.
في المجمع عن الباقر عليه السلام أنها نزلت في غزوة بدر الصغرى وذلك أن أبا سفيان قال يوم أُحد حين أراد أن ينصرف يا محمد موعدنا بيننا وبينك موسم بدر الصغرى القابل إن شئت فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم ذلك بيننا وبينك فلما كان عام المقبل خرج أبو سفيان في أهل مكة حتى نزل مجنه من ناحية مر الظهران ثم القى الله عليه الرعب فبدا له في الرجوع فلقي نعيم بن مسعود الأشجعي وقد قدم معتمراً فقال له أبو سفيان اني واعدت محمداً أن نلتقي موسم بدر الصغرى وان هذه عام جدب ولا يصلحنا إلا عام نرعى فيه الشجر ونشرب فيه اللبن وقد بدا إلى أن لا اخرج إليها وأكره أن يخرج محمد صلّى الله عليه وآله وسلم ولا أخرج أنا فيزيدهم ذلك جرأةً فالحق بالمدينة فثبطهم ولك عندي عشرة من الإِبل أضعها على يد سهيل بن عمرو فأتى نعيم المدينة فوجد الناس يتجهزون لميعاد أبي سفيان فقال بئس الرأي رأيكم أتوكم في دياركم وقراركم فلم يفلت منكم إلا شريد فتريدون أن تخرجوا وقد جمعوا لكم عند الموسم فوالله لا يفلت منكم أحد فكره أصحاب رسول الله الخروج فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والذي نفسي بيده لأخرجن ولو وحدي فأما الجبان فانه رجع وأما الشجاع فانه تأهب للقتال وقال حسبنا الله ونعم الوكيل فخرج رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم في أصحابه حتى وافى بدر الصغرى وهو ماء لبني كنانة وكانت موضع سوق لهم في الجاهلية يجتمعون إليها في كل عام ثمانية أيام فأقام ببدر ينتظر أبا سفيان وقد انصرف أبو سفيان من مجنة إلى مكة فسماهم أهل مكة جيش السويق ويقولون انما خرجتم تشربون السويق ولم يلق رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم وأصحابه أحداً من المشركين ببدر ووافوا السوق وكانت لهم تجارات فباعوا وأصابت الدرهم درهمين وانصرفوا إلى المدينة سالمين غانمين.