التفاسير

< >
عرض

لَّقَدْ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوْلَ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَآءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ وَقَتْلَهُمُ ٱلأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلْحَرِيقِ
١٨١
ذٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ
١٨٢
ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلاَّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّىٰ يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ ٱلنَّارُ قُلْ قَدْ جَآءَكُمْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِي بِٱلْبَيِّنَاتِ وَبِٱلَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
١٨٣
فَإِن كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ جَآءُوا بِٱلْبَيِّنَاتِ وَٱلزُّبُرِ وَٱلْكِتَابِ ٱلْمُنِيرِ
١٨٤
كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ ٱلْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ ٱلنَّارِ وَأُدْخِلَ ٱلْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ ٱلْغُرُورِ
١٨٥
-آل عمران

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (181) لَقَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الّذِينَ قَالُوا إنَّ اللهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ } قاله اليهود لما سمعوا { من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً } كذا قيل.
والقمّي قال والله ما رأوا الله فيعلموا أنه فقير ولكنهم رأوا أولياء الله فقراء فقالوا لو كان غنياً لأغنى أولياءه ففخروا على الله بالغنى.
وفي المناقب عن الباقر عليه السلام هم الذين يزعمون أن الإِمام يحتاج إلى ما يحملونه إليه. { سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا } في صحائف الكتبة ونحفظه في علمنا لا نهمله لأنه كلمة عظيمة إذ هو كفر بالله واستهزاء به { وَقَتْلَهُمُ الأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ }.
في الكافي عن الصادق عليه السلام أَمَا والله ما قتلوهم بأسيافهم ولكن أذاعوا أمرهم وأفشوا عليهم فقتلوا وقرئ سيكتب بالياء وضمها وقتلهم بالرفع { وَنَقُولُ } وقرئ بالياء { ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ } وننتقم منهم بهذا القول.
{ (182) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ } بل إنما يعذب بمقتضى العدل ان عذب ولم يتفضل.
{ (183) الّذِينَ قَالُوا إنَّ اللهَ عَهِدَ إلَيْنَا } أمرنا في التوراة وأوصانا { أَلاَّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتّى يَأْتِينَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النّارُ } حتى تأتينا بهذه المعجزة الخاصة التي كانت لأنبياء بني اسرائيل وهو أن يقرب بقربان وهو ما يتقرب به إلى الله من ذبيحة أو غيرها فيقوم النبي عليه السلام فيدعو فتنزل نار من السماء فتحرق قربان من قبل منه وهذا من مفترياتهم وأباطيلهم لأن هذه إنما توجب الإِيمان لكونها معجزة فهي وسائر المعجزات سواء في ذلك { قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إن كُنتُمْ صَادِقِينَ } تكذيب والزام بأن رسلاً جاؤوهم قبله كزكريا ويحيى بمعجزات أُخر موجبة للتصديق وبما اقترحوه فقتلوهم فلو كان الموجب للتصديق هو الإِتيان به وكان امتناعهم عن الإِيمان لأجله فما لهم لا يؤمنون بمن جاء به في معجزات أُخر واجتروا على قتله.
في الكافي عن الصادق عليه السلام قال كان بين القائلين والقاتلين خمسمائة عام فألزمهم الله القتل لرضاهم بما فعلوا ومثله العياشي في عدة روايات.
{ (184) فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاؤُوا بِالْبَيِّناتِ } المعجزات { وَالزُّبُرِ } الحكم والمواعظ الزواجر { وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ } المشتمل على الشرائع والأحكام وقرئ وبالزبر.
{ (185) كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ } وعد ووعيد للمصدق والمكذب.
العياشي عن الباقر عليه السلام من قتل لم يذق الموت ثم قال لا بد من أن يرجع حتى يذوق الموت.
وعنه عليه السلام من قتل ينشر حتى يموت ومن مات ينشر حتى يقتل وقد مضى الحديث الأول بتمامه عند تفسير قوله تعالى افان مات أو قتل من هذه السورة.
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام أنه قال يموت أهل الأرض حتى لا يبقى أحد ثم يموت أهل السماء حتى لا يبقى أحد إلا ملك الموت وحملة العرش وجبرئيل وميكائيل قال فيجيء ملك الموت حتى يقوم بين يدي الله عز وجل فيقال له من بقي وهو أعلم فيقول يا رب لم يبق إلا ملك الموت وحملة العرش وجبرئيل وميكائيل فيقال له قل لجبرئيل وميكائيل فليموتا فيقول الملائكة عند ذلك يا رب رسولاك واميناك فيقول إني قد قضيت على كل نفس فيها الروح الموت ثم يجيء ملك الموت حتى يقف بين يدي الله عز وجل فيقال له من بقي وهو أعلم فيقول يا رب لم يبق إلا ملك الموت وحملة العرش فيقول قل لحملة العرش فليموتوا ثم قال يجيء كئيباً حزيناً لا يرفع طرفه فيقال له من بقي وهو أعلم فيقول يا رب لم يبق إلا ملك الموت فيقال له مت يا ملك الموت فيموت ثم يأخذ الأرض بيمينه ويقول أين الذين كانوا يدعون معي شريكاً أين الذين كانوا يجعلون معي الهاً آخر { وَإنّمَا تُوَفّوْنَ أُجُورَكُمْ } تعطون جزاء أعمالكم خيراً كان أو شراً تاماً وافياً { يَوْمَ الْقِيَامَةِ } يوم قيامكم عن القبور وقد يكون قبلها بعض الأجور كما يدل عليه أخبار ثواب القبر وعذابه { فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النّارِ } بوعد عنها { وَأُدْخِلَ الْجَنّةَ فَقَدْ فَازَ } ظفر بالنجاة ونيل المراد.
في المجالس عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلم حاكياً عن الله عز وجل في حديث فبعزتي حلفت وبجلالي أقسمت أنه لا يتولى عليّاً عبد من عبادي إلا زحزحته عن النار وأدخلته الجنة ولا يبغضه أحد من عبادي إلا أبغضته وأدخلته النار وبئس المصير.
وفي الكافي عن الصادق خياركم سمحاؤكم وشراركم بخلاؤكم ومن خالص الإِيمان البر بالاخوان والسعي في حوائجهم وان البار بالاخوان ليحببه الرحمن وفي ذلك مرغمة الشيطان وتزحزح عن النيران ودخول الجنان { وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا } أي زخارفها وفضولها { إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ } مصدر أو جمع غار.